"يا بنيتي أنا ضعيفة مسكينة. رجلي طلقني وسافر عن الديرة وترك لي كومة عيال. ناظري. هذولا أصغرهم، واحد بحضني وثلاثة مثل ما أنتِ شايفة. والله الأكل ماني ملاقيته. إن كان عندك رز والا سكر والا ملابس ما تبغينها والا حذيان أو شباشب ، أي شيء عندك عطيني اياه الله لا يحرمك الأجر، ويوسعها في وجهك دنيا وآخرة، ويحفظ لك رجلك وعيالك واميمتك وأبيّك يا رب يا كريم". أخذت الزوجة الشابة تحدق في وجه هذه المتسولة التي طرقت الباب وما أن فتحته حتى أخذت تتحدث لها وكأنها تعرفها منذ سنين. لاحظت المتسولة أن الزوجة الشابة تحدق فيها وفي أبنائها، فتركتها دون أن تقاطع تحديقها. لم تكن المتسولة تعرف لماذا تحدق الزوجة الشابة بها وبأطفالها بهذا الشكل، فهي معتادة أن تحصل على المقسوم بمجرد أن تنتهي من رواية قصتها المتكررة. وهذا المقسوم إما حفنة من ريالات أو كيس من الطعام أو حقيبة ملابس مهترئة. لاحظت المتسولة أن عيني الزوجة الشابة بدأتا تغرورقان، ثم شاهدت الدموع وهي تنهمر على خديها ثم على صدرها. أحست المتسولة بملوحة المسافة بين وجهها ووجه الزوجة الشابة، فما كان منها إلا أن احتضنتها لتغرق معها في بكاء لم تعتده.