شهدت السوق المصرفية الفترة الأخيرة تحركات مكثفة من بعض البنوك سواء الحكومية أو الخاصة والاستثمارية لنشر فروع أو دراسة إنشاء كيانات مصرفية مستقلة للتعامل بأنظمة الصيرفة الإسلامية التي تشهد إقبالاً متزايداً داخل السوقين المحلية والإقليمية. من بين البنوك التي تسعي إلى تأسيس كيانات مصرفية مستقلة للمعاملات الإسلامية، البنك الأهلي المصري، والمصرف المتحد وهو بنك مملوك بالكامل للبنك المركزي، ونتج عن دمج 3بنوك كانت ضعيفة من قبل، وكان من بينها بنك إسلامي متخصص هو المصرف الإسلامي للاستثمار والتنمية. وتأتي مساعي الحكومة لدعم هذا الاتجاه لعدم وجود كيان مصرفي حكومي خالص بالسوق لأداء هذه الخدمات على خلفية سعي الحكومة لجذب الفوائض المالية الضخمة بدول الخليج وشريحة العملاء التي تتعامل معها هذه البنوك بالخارج .الخبراء من جانبهم أكدوا حاجة السوق المصرية للتوسع في تقديم أنشطة الصيرفة الإسلامية والبحث عن دور إقليمي نافذ يربط أسواق المال بأسواق العمل والاستثمار. من جانبها أكدت الدكتورة بسنت فهمي، مستشار بنك التمويل المصري السعودي، أن نظم عمل هذه البنوك تختلف عن البنوك التقليدية التجارية فيما يتعلق بأساليب إدارة الأموال والمخاطر لأنها تطبق معايير وسياسات تنظيمية وائتمانية ونظماً مالية مستقلة. وقالت إن التوسع في إنشاء فروع وكيانات مصرفية متخصصة في المعاملات الإسلامية يسهم في تطبيق المعايير الدولية، ومنها معايير بازل 2التي تتطلب معايير واضحة لكفاية رأس المال وتطبيق إدارة المخاطر في جميع القطاعات، مشيرة إلى أهمية هذه البنوك في الحد من تقلبات أسعار الفائدة والعملات. أما محمد الأتربي، نائب رئيس البنك العقاري المصري العربي، فيرى أن تجربة البنوك الإسلامية مازالت تحتاج بعض الوقت في السوق المصرية لتؤتي ثمارها مع الاستعانة بالخبرات الأجنبية في ذلك، وتجارب الدول العربية لدراسة طبيعة هذه الأنشطة وتقييمها، مشيراً في المقابل إلى أن المنتجات والأنظمة المصرفية الإسلامية تشهد طلباً ملحوظاً من العملاء بالبنوك المصرية. من جانبه، قال محمد حسنين، مدير عام الاستثمار بالبنك الأهلي المصري: إن البنك يدرس تطوير الفرعين اللذين يقدمان الخدمات والمعاملات الإسلامية، وإنشاء كيان مصرفي مستقل لهذا الشأن. ويرى علي فايز، المدير التنفيذي لاتحاد بنوك مصر، أن اتجاه التوسع في تقديم الخدمات والمعاملات الإسلامية من جانب البنوك المصرية بما فيها الحكومية يأتي للتواكب مع انتشار هذه الأنشطة عالمياً لخدمة شريحة معينة من العملاء، مؤكداً أن البنك المركزي المصري يراقب البنوك العاملة بالسوق بغض النظر عن طبيعة نشاطها، والتأكد من تطبيق القواعد المصرفية في العمل. ويقول فايز: إن السوق المصرية تحتاج إلى خدمات ومنتجات مصرفية جديدة، مستبعداً أي اتجاه لإصدار تشريع مصري لتقنين عمل هذه البنوك، كما استبعد أيضاً إنشاء بنك مركزي للمعاملات الإسلامية، مؤكداً أن المركزي أنشأ مؤخراً وحدة لمراقبة أنشطة وخدمات ومعاملات البنوك الإسلامية. ويقول الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي والمصرفي: إن التوسع في إنشاء فروع يهدف إلى استثمار فوائض الخليج، مشيراً إلى أن البنك الأهلي المصري مازال يدرس إنشاء كيان مستقل للمعاملات الإسلامية للمنافسة على "كعكة" هذه الفوائض والأرصدة. ويقول سعيد زكي، مدير عام الفروع ببنك قناة السويس: إن تجربة البنوك الإسلامية تواجهها تحديات بالسوق المصرية، منها اختلاف المفاهيم وطبيعة النشاط بين البنوك والعملاء، مشيراً إلى أنها تحتاج بعض الوقت لجذب المزيد من العملاء وتنشيط المعاملات. وأشار إلى وجود التجربة الإسلامية في الصيرفة بالسوق المصرية منذ أواخر السبعينيات عند إنشاء بنك فيصل الإسلامي المصري كبنك متخصص في تقديم الخدمات المصرفية طبقاً لمعايير الشريعة الإسلامية، حيث توجد لديه إدارة للفتوى والتشريع توافق على مدى شرعية أي منتج قبل إصداره.