بحسب آخر الإحصاءات العالمية فان عدد مستخدمي الانترنت في العالم يبلغ اليوم قرابة المليار ونصف المليار مستخدم (1.463.632.361)، وهذا الرقم يشكل ما نسبته 22% من عدد سكان العالم. وفي المملكة العربية السعودية يصل عدد المستخدمين إلى رقم قريب من 5ملايين معظمهم من الشباب. ووفقا لحسابات انتقال وتداول الأخبار والمعلومات الالكترونية فان الشخص الذي يستقبل معلومة غريبة أو شاذة يمكن أن يحدث بها خمسة من أفراد العائلة، وخمسة من الأصدقاء وبالتالي تتحرك هذه المعلومات بشكل سريع خارج إطار مستخدمي الانترنت لتصبح في النهاية قضية رأي عام يتجادل الناس حولها حتى تظهر الحقيقة. وتأسيسا على ذلك فلا مناص من تأكيد حقيقة أن ميّزة شبكة الانترنت أنها وسيلة الناس فهي منهم تبث واليهم تتوجّه ولهذا نجد أن هناك - إلى جانب من يحسن استخدمها - فئة تستغلها لتضليل الكثير الناس ونشر الشائعات والبلبلة من خلال منتدياتها ومواقعها التي تحظى بجماهيرية واسعة. والراصد للحراك اليومي لنشاطات المستخدمين يجد على صفحات الشبكة المعلوماتية الكثير من التخرصات حول وعن كل شيء دون قيد من قانون أو رادع من أمانة في كثير من الأحيان. وحيث قد لا يدرك بعض (المسئولين الحكوميين) حجم التأثير والتأثر بالشبكة من قبل مستخدميها الذين تتزايد أعدادهم بشكل مذهل فغالبا ما تصدر التوجيهات الرسمية حيال ما ينشر من موضوعات مثيرة على الشبكة العالمية إما بردات فعل غير مبررة، أو التوصية بالتجاهل التام لما ينشر دون تبصّر بما ستؤول إليه الأحوال في حال ترك الناس نهبا للقيل والقال. وهذا الحال يصدق بشكل خاص وواضح في حالات الأزمات السياسية والاقتصادية وغيرها. والأمر المؤكد في هذا السياق أن جاذبية الانترنت - كمصدر أخبار ومعلومات - تزداد في حال غياب أو ضعف توفير المعلومة من مصدرها المفترض من جهة، ومن جهة أخرى حينما تغض وسائل الإعلام التقليدية نظرها عن (وظيفتها الرقابية) ولا تقدم للناس ما يتوقعون منها من تحقيقات يخدمها التحليل والمعلومة. وتتعاظم الإشكالية حينما نجد مواقع كثير من المؤسسات الحكومية المتخصصة في هموم الناس اليومية تكاد تكون مصابة بما يشبه الشلل المعلوماتي حيث لا نجد عليها إلا المعلومات الجامدة والتقارير النمطية في حين تضج المواقع والمنتديات الشعبية المتخصصة في هذه القضايا بالحيوية والنشاط متفاعلة (بحق وبباطل) مع هموم الناس معبرة عن سخطهم ورضاهم بنفس وجعهم وشغبهم. وقد شهدنا خلال الأسابيع الماضية مثالا واضحا لما نعني بهذا الكلام حين (نزف) سوق الأسهم واهرق (دمه) ثم ألحق بدماء صغار المستثمرين ومن الطبيعي أن يتلفت الناس للشاشات هنا وهناك بحثا عن مسئول مالي (ليتنحنح) بالحقيقة أو بعض معلومة، وتجدهم يتصفحون هذه الصحيفة أو تلك فلا يجدون مصدرا موثوقا مستعدا للشرح والتفسير في الوقت المناسب. في الجانب الآخر نجد أن هناك ما يزيد على ثلاثين موقعا ومنتدى جماهيريا متخصصا لمناقشة وتحليل شئون الأسهم المحلية لحظة بلحظة. وليس هذا فقط بل كان ومازال هناك قرابة عشرين غرفة دردشة الكترونية جعلت من الأسهم والتحليل همها على مدار الساعة ما جلب مئات المتصفحين ليقرروا مع هؤلاء كيف يدخلون ويخرجون من لهيب السوق الحارق. لا يمكن لعاقل أن يقبل استمرار وضع غير صحيح بهذه الصورة في مجتمع المعلومات وعصر المعرفة وفي عهد الشفافية والسوق المفتوح. هل يعقل أن يترك لهؤلاء المجهولين الالكترونيين فرصة توجيه نشاط سوق الأسهم السعودية الذي بلغت القيمة السوقية للأسهم المصدرة فيه ما يزيد عن 1.77تريليون ريال؟. إذا لم نبحث البدائل والحلول واليات إظهار المعلومات في وقتها فنحن بذلك نقدم الحطب لإشعال بقية الأسهم في (محرقة) المنتديات. مسارات قال ومضى: ليست الصعوبة في أن تقول الحقيقة، بل في أن تجد من يملك الضمير لتقبلها.