باب مغلق أول:استطيع من خلاله أن أفهم انقطاع التواصل بيننا وبين مشاعرنا الحقيقية وبيننا وبين ذواتنا! هناك ظاهرة تسمى (الاغتراب النفسي) حيث يغدو المرء غريباً عن ذاته! فكثيراً ما يقلقنا ويحيرنا فهم ذواتنا وفهم التصرفات التي تبدر منا أذكر أني كنت أناقش إحدى الزميلات في هذا الموضوع وكنت أقول هل اغلقنا باب ذواتنا.. ونسيناها؟! ما المشكلة؟! هل نهرب منها ومن المواجهة الصريحة بعيوبها وبرغباتها؟!!.. هل نهرب ونضع بيننا وبينها باباً موصداً.. لأننا نخجل من أنفسنا أو ذاتنا الحالية مقارنة بتلك الذات التي كنا نحلم ونريد. الذات (السلامية) إن جازت التسمية.. الذات البريئة المثالية الطموح المحبة لذاتها أولاً ولمن حولنا لاحقاً.. لنتحول لذوات منهكة محملة بالضغوط والآلام وشتى المشاعر السلبية! يؤلمها ويؤلم صاحبها أن تذكريها كيف كانت وإلى ماذا صارت؟! باب مغلق ثان: قد تمر أشهر وربما أكثر ونحن لم نقل كلمة امتنان وشكر وحب لأخ أو صديق.. أو أي إنسان عزيز لدينا!! مشاعرنا تجاه الآخرين صندوق أو باب مغلق!! هذه مشاعر الحب فما بالنا بالمشاعر الأخرى!! كالغضب وألم الجرح من عزيز.. الخ.. يقول د. ديفيد فيسكوت لو كان هناك سر للصحة النفسية فإن هذا السر هو: (لا تتردد أخبر من يجرحونك أنهم يجرحونك حينما يفعلون ذلك).. فالألم المكبوت يتحول إلى غضب.. ربما يوجه نحو الذات ويشحذ النفس بأفكار الانتقام والكراهية.. إننا بعدم التعبير عن ألمنا ومصارحة الآخر بحقيقة مشاعرنا نظلمه ونظلم أنفسنا.. لأن معظم الآخرين قد لا يحرجونا عمداً.. كما أن الصمت الذي نغرق فيه وقتها يصعب على الآخرين فهمه وإدراكه. إن عندما نظهر ألمنا وقتها نستطيع أن نشعر بالحب تجاههم باقي الوقت.. لأن الغضب المتراكم يقف عائقاً في سبيل تدفق المشاعر الايجابية. باب مغلق ثالث: نقرأ في الجريدة أو نشاهد في برنامج تسجيلي.. أبا مكلوماً أو أماً مكلومة.. لم أعرف عن ولدي سلوكاً غريباً.. غاب عنا وانقطعت أخباره لفترة.. وافتقدناه.. سألنا عنه هنا وهناك ليصلنا خبر عن طريق أحد أصدقائه.. إنه ذهب ليستشهد في العراق أو أفغانستان!! ما أكثر ما يتكرر هذا الحوار!!.. وسؤال هل يتحول أبناؤنا إلى إرهابيين بين ليلة وضحاها ألم يمروا بمراحل؟!! على الأقل تلحظ هذه المراحل كل عين قريبة ملاحظة؟!! بكل بساطة بذرة التفكير والعنف ورفض الحياة نمت بعقل هذا الشاب وتعملقت بداخله.. خلف باب مغلق!! والا لم تكن لتنمو لو طالتها أشعة الحياة ونصح والدين مجربين وضياء منطق لراشد!! وقياساً على ذلك كم هي ترى المسافة بين عقل الوالدين وابنهم الشاب؟! وابنتهم الشابة؟! هل هي ترى كالمسافة بين غرفة الجلوس وملحق جلوس الشاب وأصدقائه؟!!.. أم هي كالمسافة بين غرفة الجلوس وغرفة بنتهم الشابة؟!! بكل واقعية هي أضعاف أضعاف ذلك.. ومرة أخرى لا بارك الله في كم الأبواب المغلقة بين الأبناء وآبائهم!.. فوجود أفراد الأسرة في منزل واحد لا يعني دائماً تواصل الأرواح والعقول بكل أسف!!! باب مغلق رابع يقول المحلل النفسي د. علي زيعور: العربي أميل إلى الانكفاء والانغلاق والانطواء على ذاته... نرى ذلك حتى في الفنون التصويرية.. حيث الخطوط تتسع وتؤدي وظيفتها ثم تنقفل على ذاتها.. وفي العمارة يفضل الرجل بناء البيت بأسوار حاجبة وعالية.. وكذلك في فلسفة التصوف حيث تكييف الذات بدلاً من تحدي الواقع ومجابهته.. ثم يطرح سؤالاً: أليست هذه دلائل على النمط المنطوي بفرديته سلوكياً واجتماعياً ونفسانياً؟ فمهما حاولنا تظل الرغبة الروحية العارمة والملحة في أن نكون أنفسنا كبيرة.. لدرجة أن الروح تفضل الفشل في حياتنا الخاصة على النجاح في حياة شخص آخر. @ قسم علم النفس - جامعة الملك سعود