في عام 1319ه دخل الملك الموحد مدينة الرياض لاستعادة ملك آبائه وأجداده، مدينة الرياض كانت واحدة من أكبر مدن المنطقة، ولكي نتصور مدينة الرياض في ذلك الوقت، فهي مدينة صغيرة لا تزيد مساحتها عن كيلو متر واحد فقط وعدد سكانها حوالي ثمانية آلاف نسمة، مدينة محدودة الأطراف، عوائلها وسكانها معروفون، ترتكز مهامهم على الزراعة والتجارة وبعض الأعمال الحرفية يأتي إليها العديد من أبناء المدن المجاورة طلبا للعلم والتجارة، هذه الصورة التي من الصعب على المرء تخيلها وهو يرى مدينة الرياض في هذا العهد الزاهر. إذا كانت هذه مدينة الرياض، عاصمة الدولة بمحدودية سكانها وأطرافها، فلك عزيزي القارئ الخيال بواقع المدن الصغيرة الأخرى في جميع مناطق المملكة في ذلك الوقت، لقد كانت مدنا صغيرة الحجم مغلقة على نفسها يعرف الداخل والخارج يرتابون من الغريب وبشيمهم العربية وطيب خلقهم يكرمون الضيف ويساندون الضعيف، محافظون على دينهم محبون لارضهم، تواصلهم محدود على من حولهم في تجارة أو تبادل منفعة. لقد قام الملك الموحد (رحمة الله) بخطوتين رئيسيتين في توحيد قلوب أبناء هذا الوطن مع توحيد ترابه فقد وطن البادية في مجمعات سكانية محدودة وأرسل لهم العلماء والدعاة وقام (رحمه الله) بنشر القضاة وطلبة العلم في جميع أنحاء مدن المملكة وفيها فتح القلوب بين أفراد الشعب وتمت الألفة والمحبة فزالت العزلة وتنقل المواطنون للبحث عن سبل العيش في جميع مدن المملكة ينظرون إلى مجتمع انصهرت فيه القلوب في بوتقة الوطن، الوطن الذي لا تحده الاقليمية ولا تقيده القبلية بعيداً عن العنصرية. بل وطن واحد لجميع أبنائه تحت راية التوحيد بقيادة خادم الحرمين الشريفين. إن من ينظر إلى مدينة الرياض في وقتنا الحاضر بسكانها الذين يزيدون عن أربعة ملايين نسمة بمساحة تتجاوز الأربعة ملايين كيلو متر مربع بها ما يزيد على 120جنسية عدا سكانها الذين قدموا لها من جميع أطراف المملكة. فاليوم لا يجد أحد منا تردداً في ان يسكن في أي مدينة من مدن هذا الوطن، فقد تمازجت الأنفس في حب هذا الوطن وخرج الوطن من محدودية البيت والحارة والعائلة والقبيلة إلى كل الوطن، فأرضنا هي السعودية وطنيتنا في تمازج أنفسنا في حب هذا الوطن والمحافظة على مقوماته ومكتسباته والعمل الحثيث على رفعته وحفظ أمنه واستقراره. @ عميد كلية حريملاء - جامعة الملك سعود