في صفحة الرأي وعبر "الرياض" عدد الجمعة 2008/9/12م تطرق محمد أبو حيمد في موضوع مقاله إلى محورين: مشاركة الفتيات في بعض المواقع الإباحية، ومعاقبة الشباب دون الفتيات في حال تعرض الفتاة للتهديد أو الإبتزاز. بداية عنوان المقال قد يتوافق مع المحور الأول هذا إذا كان الحديث بوجه عام عن التجاوزات الأخلاقية سواء صدرت هذه التجاوزات من شاب أو من فتاة لأن الشريعة لم تفرق بين الذكر والأنثى لا في الثواب ولا في العقاب. لذا اتفق مع الأخ كاتب المقال في بعض الأمور وفي كثير من الأسئلة التي قام مشكوراً بطرحها في مقاله وبعض الأسباب التي تؤدي بالفتاة أو الشاب للوقوع في أي خطأ أياً كان هذا الخطأ. كما اتفق معه في الخطورة الكبيرة التي تشكلها المواقع الإباحية التي تنتشر على الانترنت ويشارك بها الشباب والفتيات لأنها بالفعل تمثل كارثة أخلاقية تهدد مجتمعاتنا. أما ما اختلف بشأنه مع كاتب المقال والذي أردت التعقيب عليه اليوم في موضوعي فهو فيما يتعلق على وجه الخصوص بتهديد الفتيات وابتزازهن والتشهير بهن وهو ما شن عليه الإعلام تلك الحملات التي اعتقد الأخ محمد كاتب المقال كان يعنيها بموضوعه. فالتهديد والابتزاز والتشهير بالغير سلوك دنيء وغير أخلاقي ومنهي عنه شرعاً ويجب معاقبة كل من يقوم به حتى وإن كانت امرأة هي التي تقوم بتهديد رجل أو ابتزازه فيجب أن تتم معاقبتها. وعدم التهاون في مثل تلك السلوكيات، إنما هو لحماية المجتمع بأكمله وليس فقط الضحية المعنية أي حادثة تشهير. ولا أظن أن الأجهزة المعنية ستتهاون في العقوبة مع مرتكبي تلك الجرائم إن كن نساء فالعقوبة لا تحدد بجنس مرتكبها ولكنها تسن تبعاً للجرم الذي يتم ارتكابه. وسيكولوجية المجتمع هذه في تداول الموضوعات التي تمس الأعراض والتي تتعلق بالفضائح خاصة هي تحديداً ما يدفع بعض الشباب لاستخدام هذه الوسيلة الدنيئة للضغط على بعض الفتيات والنساء وإجبارهن على إقامة علاقات محرمة معهم. كما انه لا يخفى على الكثيرين ان بعض الفتيات والنساء يرضخن لتلك التهديدات والابتزازات ليس لأنهن سيئات الخلق أو لأنهن يستمرأن الرذيلة وتستهويهن الخطيئة، ولكن لخوفهن من التشهير والفضيحة حتى وإن كان كل ما يشاع عنهن بلا أساس من الصحة لعلمهن أن ثقافة المجتمع وموروثاته البعيدة عن الشرع لن تمد لهن يد العون أو المساعدة، بل قد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى قتلهن كما يحدث في جرائم الشرف التي ما أنزل الله بها من سلطان. فهل يجب أن تقف الأجهزة المعنية مكتوفة الأيدي وفي موقف المتفرج لتكون عوناً لمن انعدم لديهم الضمير والأخلاق ممن تغلبت عليهم شهوة التهديد والابتزاز للقضاء على الفتاة أو المرأة ودفعها للسقوط أكثر وأكثر في هاوية الرذيلة!! كما أن وقوع الإنسان في الخطأ مرة أو عدة مرات لا يعني أنه فاسد أو انه لا يستحق فرصة للرجوع عن أخطائه إن رغب في ذلك وحرص عليه وليس أدل على كلامي هذا من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الرجل الذي قتل مائة نفس، ولكنه رغم قتله لكل هؤلاء البشر إلا انه كان يرغب في التوبة وحريص عليها لذا قبضت روحه بأمر من الله تعالى ملائكة الرحمة، وكما يوضح الحديث الشريف ان البيئة غير الصالحة لها أثر سلبي كبير على الإنسان حتى وإن كان بداخل الإنسان نفسه بذرة صالحة ونفس طيبة، لذا فإنه لزاماً على الفرد المسلم بأن يمد يد العون لمن يريد الرجوع عن الخطأ الذي وقع فيه لا أن يدفعه دفعاً إلى المزيد من الأخطاء التزاماً بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعينوه ولا تعينوا الشيطان عليه". وإذا كان الخطأ صفة بشرية "كل ابن آدم خطاء"، فالإصرار على الخطأ صفة شيطانية. والشاب الذي يمارس التهديد والابتزاز على أي فتاة لاجبارها على الاستمرار في خطأ قد تكون وقعت فيه في لحظة ضعف بشري، إنما هو يتعدى الخطأ إلى خطأ أكبر منه، حيث انه يقطع على الفتاة طريق الرجوع عن الخطأ كما انه هو نفسه يجاهر بمعصيته ويشيع الفاحشة في المجتمع المسلم بأكمله حين يقوم بالتشهير بأعراض فتيات المسلمين. الأجدر بنا جميعاً أن نتكاتف معاً لحماية الشباب والفتيات من الوقوع في مثل تلك الأخطاء الفادحة وحماية مجتمعاتنا وحماية أنفسنا وأبنائنا في المستقبل، بدلاً من التعاطي مع الموضوع على انه منافسة بين فريق الشباب وفريق الفتيات على من ستكون له الغلبة في نهاية الأمر في القضاء على الفريق الآخر، لأن الجميع بلا استثناء خاسر في ظل الانهيار الأخلاقي الذي أصبحنا نعاني منه كمجتمعات عربية.