قبل دخول رمضان، رحلت عن الدنيا. كانت كما يصفها كل من حولها زاهدة بالدنيا وكأنها تستعد للموت. أفنت حياتها في خدمة الآخرين، سواء عبر عملها كمديرة للإشراف التربوي بجدة، أو عبر تداخلها اليومي مع قضايا الناس الذين تحبهم وتغمرهم دوماً بعطائها المبتسم. أصابها مرض عضال ولم يمهلها طويلاً. كانت تعي أنها ذاهبة بسرعة إلى جوار ربها، فحثّت خطاها للزهد أكثر بالحياة الدنيا، وباستعدادها المبكر للموت حتى قبل أن يصيبها المرض. فلقد كان عنوان رسالتها لنيل الدكتوراه عام 1409ه: "دور الالتزام الديني في الإسلام وعلاقته بقلق الموت". يوم وفاتها (رحمها الله وأسكنها فسيح جناته)، صلت الفجر ولم تغادر سجادتها. ظلت تقرأ القرآن إلى أن فاضت روحها إلى البارئ الكريم، معطية عظة لزوجها وعائلتها، ولكل من عايش مراحل مرضها المفاجئ والسريع، بأن الاستعداد للموت سيجعل الإنسان قريباً من ربه، وسيجعله قريباً من الناس الذين يحتاجون إليه وإلى تواصله معهم، وسيجعله قريباً من الطاعات والخير والحب والصفاء والنقاء. سيجعله مثل هذه المرأة التي عاشت بصخب، تساعد المحتاجين وتعد لهم بنفسها موائد الإفطار في كل رمضان، لكنها حين ماتت، ماتت بصمت يليق باحترامها للموت وجاهزيتها له.