يفضل الكثير أداء صلاة التراويح في المساجد التي يكون فيها الإمام عذب الصوت لأنهم يجدون في ذلك وسيلة للخشوع في الصلاة والتدبر في الآيات، علماً بأن البعض قد يسكن في شرق الرياض ويصلي التراويح في غربها أو العكس، وهذه الظاهرة ليست وليدة الليلة. وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة دلالة جيدة على حرص الناس على تأدية عباداتهم بإتقان والبعد عن السهو، إلا أنها لها سلبياتها المختلفة والتي منها أنهم يشقون على أنفسهم في ذلك ويهجرون المساجد التي يصلون فيها أغلب الأوقات بالإضافة إلى الازدحام المروري الشديد والذي ينتج عنه بعض الحوادث والخلافات أو الشجار بين قائدي المركبات والتي قد تطول في بعض المرات إلى التشابك بالأيدي أو فوضى القيادة التي يفتعلها بعض المستهترين بالأنظمة المرورية إضافة إلى ندرة المواقف المخصصة للسيارات في بعض المساجد، وما يبدر من هؤلاء ينافي الأخلاق التي يجب أن يكون عليها المسلم خاصة في هذا الشهر المبارك. وقد خصص الجهاز المروري في منطقة الرياض رجال مرور لتنظيم السير أمام تلك المساجد التي اشتهرت بالازدحام ومع ذلك يواجه رجال المرور الكثير من العقبات في ظل عدم تعاون بعض المواطنين معهم. وقد بين الشيخ سعود الفنيسان عميد كلية الشريعة "سابقا" في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أنه لا شك في أن حسن صوت القارئ للقرآن يساعد المصلي على الخشوع والتدبر غير أنه إذا ترتب على ترك الرجل المسجد القريب منه قد يؤثر على نفسية الإمام وبعض المأمومين من أهل حيه بالإضافة إلى قلة المصلين والذي قد يتسبب بهجر المسجد أحياناً إذا كانت جماعته قليلة في الأساس وقد ورد عن عبدالله بن عمر : (لا يتتبع أحدكم المساجد وليصلي في مسجده) وتتبع المساجد بحثاً عن الإمام حسن الصوت لم يكن السلف يعملونه فلم يعرف أنهم يتتبعون صلاة أبي موسى الأشعري الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم : (لقد أوتي مزماراً من آل داوود) ومثله عبدالله بن مسعود وغيرهما. ومن جهة النساء تقول رنا الفيصل وهي طالبة جامعية (بدأت صلاة التراويح في المسجد منذ سنتين فكنت أذهب للمسجد القريب من منزلنا إلا أن قراءة الامام غير المفهومة والسريعة ودعاءه العادي امر استفزني للسؤال والبحث عن امام اخشع معه وذهبت لعدة مساجد بناء على نصائح ممن حولي وأخيراً استقريت على مسجدين اتنقل بينهما فقد وجدت الخشوع والصوت العذب الواضح والدعاء الخاضع الشامل الجامع، علماً أن والدتي واخواتي يصلين في مسجد مختلف. وتذكر أمل رزق الله وهي معلمة ولديها ثلاثة أطفال انها لا تستطيع ان تحضر إلى المسجد بشكل يومي بسبب المواصلات حيث تعتمد على سيارة أجرة وهي تحب مسجدا دون غيره بسبب قراءة إمامه فهو يجعلها تخشع في الصلاة ولديه جمل خنوع لله يدعو بها تجعل الدموع تنهال والقلوب تعود إلى بارئها، وعندما تنقطع عن المسجد عدة أيام تشتاق إلى هذا الجو الروحاني فتصارع ظروفها الأسرية من أطفال ومنزل ومواصلات معزية نفسها انها أيام وستمضي وعليها أن تستغلها لأقصى حد مهما كان الثمن، وتقول (بجانب منزلي مسجد استطيع أن أذهب اليه سيراً على الاقدام إلا أني لا اخشع مع امامه فهو سريع بالقراءة فلا نستوعب ما يقول. أم محمد السيف سيدة ستينية وضع أبناؤها جدول تناوبهم على ايصالها للمسجد الذي ترغبه، تركت مسجدا قريبا من منزلها بل امام منزلها مباشرة وتقطع مسافة تستغرق أكثر من ثلث ساعة لتصل إلى هذا المسجد الذي تصلي فيه، وتركت فسحة المكان في المسجد القريب من منزلها وتحملت أن تخرج من منزلها قبل صلاة العشاء وتصل لمسجدها المفضل مبكرة لتتمكن من الحصول على مكان قبل ازدحام المصليات. وترى أمينة شنقيطي أن شهر رمضان شهر واحد في السنة والجميع يسعى لطلب الرحمة من الله بالتقرب اليه بالصلاة والدعاء والتسبيح، وقد يتكاسل الإنسان عندما يكون بمفرده بعكس لو كان مع جماعة ومع امام يتمتع بصوت عذب وذكي يعرف كيف ومتى يقف عند الآيات التي تحتاج للتدبير والتفكير وقالت: "إن الامام عامل جذب للاستمتاع بالصلاة أو التنفير منها، بعض الائمة قد يبثون في روحك الكسل لذا ترى عددا من المصلين يملون ويتثاءبون وهم وقوف في صف الصلاة مما يفقد الصلاة روحانيتها، بعكس بعض الأئمة الذين يبعثون الروحانية والنشاط لاداء الصلاة حتى يتمنى المصلون ان لا تنتهي الصلاة والدعاء".