تلقت سوق الأسهم أمس ضربة مؤلمة، أوقد شرارتها تواصل عمليات البيع على أسهم شركة سابك اكبر شركة مدرجة في السوق، إضافة إلى إعلان هيئة السوق المالية أنها ستطبق في بداية الأسبوع القادم نظاما جديدا لقياس حركة الأسعار يتكون من ثلاثة مستويات. وعند الإقفال هبط المؤشر 460نقطة بنسبة 5.41% ليصل إلى 8044نقطة، وتدنى في إحدى الفترات إلى 7851نقطة في ذروة الهبوط لتخسر الأسهم في يوم واحد نحو 90مليار ريال من قيمتها السوقية. ويعد هبوط الأمس اكبر هبوط يشهده السوق في العام الحالي واشد التراجعات قسوة في 2008م، لكون بعض الأسهم الكبيرة مثل سابك تراجعت في ذروة الهبوط بالنسبة القصوى،وهي 10% ،مع الإشارة أن 30شركة أغلقت على نفس النسبة السابقة. وتزامن هبوط الأسهم أمس مع حركة الهبوط في نهاية الأسبوع الماضي والتي شملت غالبية الأسواق المالية خاصة الخليجية، إضافة الى تراجع أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها خلال 5أشهر. وساهمت الضبابية التي أحاطت بتنفيذ صفقات خاصة على سابك في الأسبوع الماضي في الضغط على أسهمها، اذ اعتبرها المتداولون مؤشرا سلبيا لكونها نفذت بأسعار هبوطية لا تتوافق مع المؤشرات المالية لأسهم الشركة التي حققت عائدا في النصف الأول يبلغ 4.82ريالات، ونفذت الأولى بسعر 128ريالا لكمية بلغت 1.5مليون سهم، أما الثانية فقد نفذت بسعر 125ريالا وبكمية بلغت 3.7ملايين سهم. واقبل المتعاملون على البيع مع فقدانهم الثقة في حدوث حركة ايجابية للسوق، بفعل تلاحق قرارات هيئة السوق دون مرعاه للوضع الحالي، والاندفاع نحو طرح الشركات العائلية للاكتتاب وبعلاوات إصدار جففت منابع السيولة، وأثقلت حركة السوق، إضافة إلى استخدام السوق كخيار لسحب السيولة في الاقتصاد والسيطرة على معدلات التضخم المتصاعدة. وكشف هبوط الأمس أن سوق الأسهم لا تزال تعاني من معضلة البيع الجماعي، وهو الهروب لأن الآخرين يبيعون، بغض النظر عن مؤشرات السهم، او وضع الشركة، وهو احد المظاهر السلوكية للمضاربات العشوائية، والتي تغذيها شعارات البحث عن القيعان السعرية التي يرسمها بعض المحللين الفنيين، وكأنها حدث واقعي ومسلمات لا يمكن للسوق ان يتحرك بدون تحقيقها أو الوصول إليها، وكان السوق السعودي نموذجا ايجابيا لتطبيق مؤشرات التحليل الفني. كما يكشف الهبوط الحالي ضرورة الاعتراف بان الوضع المأساوي واستمرار خسائر المواطنين، و أزمة الثقة في سوق الأسهم الذي لم يعد يعكس ما يشهده تطور الاقتصاد السعودي، أصبح أمرا غير قابل للتأجيل، ويفترض العمل على إعادة السوق لوضعه الطبيعي بدلا من تجاهل ما يحدث، ويشمل ذلك إعادة النظر في طريقة الهرولة نحو الاكتتابات،وتشجيع الجميع على الشفافية، والإفصاح عن الصفقات الكبيرة، وتشجيع المستثمرين على الدخول في السوق،وإبراز الفرص الاستثمارية التي تحتويها الشركات،والسماح للشركات بالاستثمار في السوق دون عراقيل. كما يستلزم الأمر خروج المسئولين في الجهات الحكومية والشركات المساهمة لطمأنة المتعاملين على وضع السوق، وشركاته، فالمستثمرون والمتعاملون بحاجة الى من يطمئنهم على مستقبل سوق الأسهم، ووضعه الحالي، وان يعرفوا بصورة رسمية الأسباب التي أوصلته إلى وضعه الحالي ومعرفة الخطوات العلاجية لتصحيح وضعه. كما يفترض الإعلان بصورة دورية عن الأرقام الهامة للاقتصاد السعودي، حتى لا يلجأ المتعاملون إلى التشبث بأرقام البطالة والمساكن، والوظائف،وأسعار المنتجين في الأسواق الأمريكية، أو حركة العملات في الأسواق العالمية. وخلال تداول امس بلغت كميات الاسهم المتداولة 179مليون سهم بقيمة 6.2مليارات ريال موزعة على أكثر من 151.6الف صفقة، وتراجعت جميع الشركات باستثناء دار الاركان التي أوصى مجلس إدارتها برفع رأس المال بتوزيع ثلث سهم،إضافة إلى أسهم شركة العبد اللطيف حيث تمتلك أكثر من 65% من أسهمها عائلة العبد اللطيف. وسجلت عشرات الشركات اسعارا جدية لم تسجلها في الانهيار السابق وسجلت العديد من الاسهم المدرجة حديثا أدنى مستوى لها منذ الاكتتاب ومنها العثيم والخليج للتدريب و"الدريس" والطباعة واسترا، وسجل سهم معادن اقل سعر منذ إدراجه يبلغ 22.5ريالا.