في محاضرة للسيد فرانسيز فوكوياما صاحب كتاب (نهاية التاريخ) والذي لقيت كتاباته وتحليلاته رواجاً في مختلف أنحاء العالم ألقاها في أستراليا قال فيها إن الولاياتالمتحدةالأمريكية لم تعد تستطيع فرض هيمنتها على الشؤون الدولية مثلما كانت تفعل في الماضي وستجد واشنطن نفسها مستقبلاً مضطرة إلى تغيير استراتيجيتها في التعامل مع مختلف القضايا الدولية وتركز على الأساليب الدبلوماسية والتعاون الأمني الإقليمي مع حلفائها. حديث السيد فوكوياما سواء عن نهاية التاريخ في السابق أو تعاظم قوة الصين والهند ودول الخليج كقوة فاعلة وذات تأثير كبير متزايد، كلها جزء من الجوقة السياسية التي تقودها السياسة الأمريكية، فعندما نظر فوكوياما لنهاية التاريخ وسبقه هنتنغتون بنظرية صراع الحضارات حيث قال بظهور صراع للحضارات في العالم تنتصر فيه الحضارة الغربية وينتهي التاريخ عند ذلك، أقول إن كلا العالمين ونظريتيهما كانا جزءاً من حرب المحافظين الجدد واستراتيجيتهم الكونية التي تقضي بسيطرة أمريكا على النفط العراقي من أجل السيطرة على الدول المنتجة والمستهلكة للنفط على حد سواء، ومن جانب آخر احتلال أفغانستان من أجل كشف المواقع البعيدة والحساسة للدول الصاعدة في الصين والهند وروسيا أو حدود الهند مثل إيران. إن ما يهمنا هنا، هو كيف تقوم المؤسسة السياسية والاستخباراتية والأكاديمية والإعلامية الأمريكية بالترويج للأفكار والمنطلقات من أجل إشغال الإعلام العالمي والمؤسسات الإعلامية وتحقيق مكاسب سياسية واستراتيجية؟ إن على الإعلامي والأكاديمي التشكيك والفحص الدقيق للطروحات والنظريات الجديدة، والبحث عن أهدافها السياسية والعسكرية والاستراتيجية قبل قبولها وطرحها على أنها طروحات فكرية أو أكاديمية.