في رواية ميس خالد العثمان الأخيرة "عقيدة رقص" دخول لعالم مضى، لكنه أكثر حداثة عن عوالمها السابقة، فالرواية الأولى "غرفة السماء" كانت تخوض سواحل الغوص العتيقة، وروايتها الثانية "عرائس الصوف" جاءت بلا مكان أو زمان محددين، ولكنها في الأجواء القديمة ذاتها، لكن في "عقيدة رقص" جاء الزمان والمكان محددين تماماً، فمن بغداد هروباً إلى الجنوب حيث الكويت كان المكان، أما الزمان فبعد نهاية الحرب العراقية الإيرانية وقبل اجتياح القوات العراقية للكويت. الحكاية حكاية سجن وهرب، الحدث يغيب في الرواية، تكاد أن تكون الرواية سجالاً داخلياً نفسياً، وصفاً للشعور الداخلي للبطلة "رجاء السيد هادي" أو نرد، ولاسم "نرد" حكايته أيضاً. تتشابه الأقدار في الرواية، بين العراق ولبنان وفلسطين، رجاء ومريم وأبي العز، ولكل منهم مأساته، أحكاها مباشرة، أو يمكنك تخمينها، بالتعمق في ملامحه أكثر. الرواية شِعرية بامتياز، يمكن قراءتها كنص شعري إنساني بشكل بحت، فالقصة هي الإنسان ولا شيء غير الإنسان، واستخدام بعض مفردات اللهجة العراقية واللبنانية جاء محدوداً ومعقولاً، ليعزز جو السرد الروائي أكثر. اسم البطلة بتأرجح بين حالتين إنسانيتين عميقتين، فهو بين "الرجاء" وبين الدخول في لعبة "نرد"، فرجاء تطلب وتنتظر وتسعى، تحاول وتطمح، أما نرد فتسلم أمورها بعبث، وتأتي الأحداث كما تشاء. دخول "أكرم" على ساحة الرواية غريب، يمثل دخول حكاية حب مفتعلة أو تائهة، وجاء -ربما- في إطار تعزيز حضور حالة "النرد" التي تعيشها "رجاء"، أي العيش بالكثير من المفاجآت والارتجالية، ولتأتي الحياة بما تشاء، في إطار سياق الرواية الهادئ. من الملفت بالرواية تدخل صوت الراوي بشكل مستمر، لتحديد شعور البطلة تماماً، إحساسها، وما تشعر به، بلغة العارف الموقن بالشيء كمثل "وتستذكرين مسبحة أمك وهي تتمتم، الإنسان مخير يا رجاء، فلا تضجري" أو "تعلمين بأن هناك من يولد وجرحه خفي لا يُرى" و "كنتِ تنتظرين إشارة من الماضي تفتت السأم المتمدد بداخلك" و "إغماضة عينيك أخفت وراءها عطبك التام". الرواية من إصدارات المؤسسة العربية للنشر، الطبعة الأولى في 2008م، وتقع في 146صفحة من القطع المتوسط.