إن رمزية دخول القوات الأمريكية للعراق واسقاط نظامه السياسي واعتقال رئيسه وشنقه لها دلائل كثيرة، إلا أن الدلالة الكبرى هي استخدام قصور ومواقع الرئيس العراقي السابق كمناطق للحكام الجدد من الجيش الامريكي والإدارة الأمريكية في العراق، ففي الوقت الذي احتل بول بريمر أحد قصور صدام في العراق أخذت الإدارة الأمريكية تبرم العقود تلو العقود من أجل إعادة تأهيل المنطقة الخضراء المغلقة وبناء أكبر سفارة أمريكية في العالم، حيث أصبحت المنطقة الخضراء منطقة أمريكية محصنة ضد دخول ليس فقط القوات المناوئة للوجود الأمريكي بل منطقة مغلقة حتى في وجه العراقيين أنفسهم. هل يعيد التاريخ نفسه وتستفيد قوى جديدة من هذه المنطقة الخضراء والتي بنتها الإدارة الأمريكية مثلما استفادت الإدارة الأمريكية من قصور صدام ومنتجعاته الفاخرة، أم أن الادارة الأمريكية تعمل على بناء ما يزيد على خمسين قاعدة عسكرية وتربط بذلك مصير ومستقبل العراق باتفاقية أمنية تجعل من العراق بلدا محتلا لفترة طويلة من الزمن؟ إن أرض العراق كانت دائما وتاريخيا منطقة عصية على الغزوات، فهل تثبت الولاياتالمتحدةالامريكية بأنها الأكثر قوة والأكثر جبروتاً والأكثر سفكاً للدماء للعراق والعراقيين حتى تثبت أنها الأقدر على ضبط العراق، أم أن هناك رأياً آخر للشعب العراقي وشعوب العالم التي تجاوزت مرحلة الاحتلال والاستعباد من قبل شعوب ودول أخرى؟