مع تزايد تطبيق التأمين الصحي على المقيمين والإعلان عن قرب تطبيقه على السعوديين، تزايدت الهواجس لدى المستفيدين من التغطية التأمينية عن شرعية التأمين وكثرت التساؤلات عن كيفية اختيار شركات التأمين والمفاضلة بينها، ولإلقاء الضوء على تطبيقات الاقتصاد الإسلامي وعلاقتها بالتأمين الصحي حاورت "الرياض" المستشار في المصرفية الإسلامية لاحم الناصر الذي أوضح في البداية أن التأمين الصحي كغيرة من منتجات التأمين الأخرى، ولكي يكون متوافقا مع أحكام الشريعة الإسلامية فلابد ان يكون عقده عقد تبرع بين مجموع المؤمنين فالقسط التأميني يكون تبرعا من طالب التأمين لمجموع المؤمنين في الحوض التأميني، وبالتالي فإن طالب التأمين مرة يكون مؤمنا وذلك عندما يدفع لمشترك آخر من الحوض التأميني ومرة مؤمناً له عندما يستحق هو التعويض من الحوض التأميني أما دور شركة التأمين فيقتصر على إدارة عملية التأمين وفق عقد وكالة باجر. ويجب أيضا ينص على ان الفائض من حق مجموع المؤمنين وليس من حق شركة التأمين، كما يجب ان يتم استثمار أقساط التأمين وفق أحكام الشريعة الإسلامية. وفيما يخص كيفية تأكد الراغب في شراء بوليصة تأمين الصحي من شرعية شركة التأمين؛ أجاب الناصر أن المؤمن عليه يستطيع التأكد من شرعية شركة التأمين بالاطلاع على ما نصته الشركة في نظامها الأساسي من حيث عملها وفق أحكام الشريعة الإسلامية ولا يكفي القول بأنها شركة تأمين تعاوني. وكذلك الاطلاع على شروط وأحكام بوليصة التأمين الخاصة بالشركة من حيث تقسيم الفائض وعلاقة الشركة بالمؤمنين وغيرها من الشروط والأحكام، والتأكد من وجود هيئة شرعية لدى الشركة تجيز وتدقق أعمالها. وأضاف الناصر أننا نحن والحمدلله في المملكة العربية السعودية شعب مسلم متمسك بدينة دستورنا القرآن وتحكمنا الشريعة الإسلامية فلا يمكن ان يقبل جل هذا الشعب ان يتعامل بما يخالف شرع الله، ومن هذا الباب التعامل مع شركات التأمين الصحي التجارية والتي لا تتوافق أعمالها مع أحكام الشريعة الإسلامية، وان تعامل فبحكم الحاجة لعدم وجود البديل، ولذا يجب على كل مستثمر يزمع إنشاء شركة لتقديم أي نوع من أنواع التأمين وعلى رأسه التأمين الصحي ان يضع هذا في اعتباره إذا أراد تحقيق النجاح في الدنيا ورضا الله في الآخرة. أما بخصوص المقبلين على شراء بوالص التأمين الصحي فأوصى الناصر بالتدقيق في شروط وأحكام هذه البوالص ودراستها بعناية فائقة للتأكد من أنها تحفظ حقوقهم، وعرضها إذا أمكن على مستشار في التأمين لإعطائهم المشورة في ذلك حيث ان الكثير من عقود التأمين هي عقود إذعان حيث تفقد التوازن بين طرفي العقد، ونصحهم أيضا بالحرص ما أمكن على التعامل مع شركة تأمين اسلامية، والتأكد من ان شركة التأمين مؤهلة من قبل مجلس الضمان الصحي وذلك إما عن طريق الاتصال بالمجلس هاتفيا أو الدخول على موقعه الالكتروني حيث يجدون قائمة بالشركات المؤهلة. وحول مدى الرضا عن التأمين الصحي بوضعه الحالي ومعوقات ومتطلبات نجاحه قال الناصر أن التأمين الصحي في المملكة ليس بجديد من حيث الممارسة حيث ان الكثير من الشركات كان تمارس هذا النشاط وكانت الكثير من شركات القطاع الخاص كالبنوك والشركات تقدم هذا النوع من التغطية لموظفيها، كما ان السوق يوجد به الكثير من الشركات العالمية التي تقدم هذا النوع من الخدمة ولكن الجديد هو سعي الدولة لتنظيم هذه الصناعة عبر إصدار التشريعات والأنظمة وإنشاء المؤسسات المشرفة كمجلس الضمان الصحي ومع ذلك لازالت خدمات التأمين الصحي المقدمة للإفراد لا ترقى لأبسط المعايير الدولية في هذا المجال حيث ترتفع قيمة القسط التأميني مع محدودية الخدمات المقدمة ورداءتها بل ان بعض الخدمات الطبية غير متاحة للافراد مع استعداد بعض الأفراد للدفع مقابل الحصول عليها كما ان الكثير من شركات التأمين الصحي ترفض التأمين على الأفراد وهذا أمر لا ينبغي للجهات المشرفة السكوت عليه حيث ان حق الطبابة من الحقوق الإنسانية المجمع عليها والحقيقة ان مجلس الضمان الصحي يبذل جهودا جبارة في هذا الإطار، وأضاف أنه لا يمكن ان يتطور التأمين الصحي في المملكة أو يصل لمرحلة تطبيق التأمين الإلزامي ما لم تتوفر عدد من العوامل، منها وجود بنية تحتية تستطيع خدمة هذه الصناعة كالمستشفيات والعيادات الخاصة والمختبرات، فزيارة واحدة للمستشفيات الخاصة المؤهلة لتقديم هذه الخدمات لشركات التأمين تعطي التصور عن حجم الامكانات المتاحة في هذا الجانب حيث يتكدس المراجعون وتطول قوائم الانتظار وتقل جودة الخدمة المقدمة نتيجة لضغط المراجعين الناتج عن عدم وجود مؤسسات صحية كافية مما يشعر المراجع وكأنه في مؤسسة حكومية وليست أهلية مدفوعة الأجر من جيب المراجع الخاص وبالتالي فإن هذه البيئة لن تشجع المواطنين على التأمين الصحي ولذا على الجهات المعنية توفير هذه البنية التحتية قبل فرض التأمين الإلزامي. ومن العوامل أيضا السعي لاستقطاب الشركات العالمية المتخصصة في التأمين الصحي ذات الخبرة ورأس المال الضخم للعمل في المملكة لتطوير هذه الصناعة. وإيجاد محاكم خاصة للفصل في منازعات التأمين لسرعة البت في قضايا هذه الصناعة مع توفير المؤسسات الأخرى الداعمة لهذه الصناعة كمستشاري التأمين و محققي التأمين، وكذلك إيجاد بوالص تأمين موحدة توفر الحد الأدنى من العناية الطبية المتوافقة مع المعايير الدولية تعد من قبل مجلس الضمان الصحي لإيجاد توازن بين طرفي العقد. واختتم الناصر حديثه بالتأكيد على ضرورة وجود إجراءات واضحة وسهلة للشكاوى مع سرعة البت فيها من قبل الجهات الرقابية.