لا يفاجأ المتابع لسوق الأسهم السعودية والمطلع على ما خلف كواليس التداولات بعدم ظهور أسماء مشاهير المضاربة في قائمة أسماء كبار الملاك، وإن رددت أسماؤهم بكثرة في أروقة التعاملات، كون الغالبية من المتعاملين يملكون الدراية الكافية والمسبقة عن أسلوب كبار المضاربين والذين يغلب على سياستهم التجمعات أو "القروبات". حيث إن هذا الأسلوب يمنحهم القدرة على تحقيق أهدافهم دون الوصول إلى النسبة التي تضعهم تحت طائلة النظام، أو تكشف هوياتهم، وذلك عن طريق تعدد المحافظ بما يكفل للمضارب السيطرة على توجهات السهم دون الوقوع بين كماشة الرقابة، والتحرك بين الشركات بما يخدم مصالحهم بلا هوية نظامية. لكن ما يدعوا إلى الاستغراب خلو هذه القائمة من أسماء شخصيات أخذت في الآونة الأخيرة تردد توجهها إلى الاستثمار وتتشدق بقدرتها على تصحيح الوضع المالي للشركة والأخذ بناصية نشاطها إلى الايجابية والربحية، وتسلّم هذه الأسماء زمام الأمور في الشركات المعنية، لكن تظهر الحقيقة بأن المراهنة قائمة من طرف واحد دون تحمل أي خسارة أو عواقب تلحق بالشركة!. أمام ذلك أشار ل "الرياض" فضل البوعينين الخبير الاقتصادي أن نشر قوائم أسماء الملاك يمكن أن يؤدي إلى منع الضرر، ونفي الغرر عن جميع المستثمرين دون استثناء، خصوصا عندما يوجه بعض كبار المضاربين رسائل للمتداولين على أنهم من المستثمرين في السوق، وينصح بالاستثمار فيه، ويُكتشف بعد إعلان القوائم خلوها من أسماء الناصحين ففي ذلك نوع من أنواع التغرير بالمتداولين، وعلى وجه الخصوص صغار المستثمرين. وأضاف أن الشارع الحنيف يحث على الوضوح والشفافية في كل ما يتعلق بشؤون الشركاء، منعا لحدوث الغرر؛ وطالما أن الحديث عن شركات مساهمة عامة تضم أعداداً كثيرة من الشركاء، تؤثر أسماؤهم وتوجهاتهم وملكياتهم في أداء الشركات من جهة، وفي السوق المالية من جهة أخرى عندها يصبح الإعلان عن الملاك الرئيسين المؤثرين في أداء الشركة ومستقبلها أمرا ضروريا، ومهما أيضا لاتخاذ قرار الدخول في شراكة معهم من عدمها. ومن ناحيته طالب حسن القاضي الخبير في تعاملات السوق، باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة مع رؤساء مجالس الإدارات الذين كانوا يدعون إلى الاستثمار الأمثل في الشركات الواعدة ويدعمون دعواتهم بوجود خطط استراتيجية للشركة من الناحية الاستثمارية ترجح نمو الربحية، مبينا أنه يفترض أن تتم مساءلتهم قانونيا عن التلاعب ومحاولة التغرير في المتداولين، خصوصا بعد عدم ظهور أسمائهم ضمن قائمة الملاك. كما يتساءل القاضي عن عدم تطبيق الشفافية المطلقة من قبل الشركات أنفسها، لتحقيق العدالة في عملية التملك، بحيث تقوم الشركة بالإعلان عن قيام أحد منسوبيها المؤثرين بالبيع وتوضيح أسباب هذا التوجه، الأمر الذي يعطي مؤشراً للمساهمين عن مدى مصداقية إدارة الشركة، ويدعم التوجه الرسمي من قبل الجهات المسؤولة عن السوق لتعزيز الشفافية. من جهة أخرى يرى البوعينين أنه يعتقد البعض أن قوائم ملكية أسهم الشركات المعلنة التي خلت من أسماء كبار المضاربين يمكن أن تكون صك براءة لهم من الشائعات التي تحدثت عن سيطرتهم على السوق وتسببهم في كثير من المآسي لصغار المستثمرين، في الوقت الذي يعتقد فيه آخرون أن خلو قوائم الملكية من الأسهم المعروفة مضاربيا تعني خروجهم منها قبل بدء تنفيذ قرار إعلان الملاك الاستراتيجيين في الشركات المدرجة في السوق السعودية. ويؤكد أن الحقيقة هي أن كبار مضاربي سوق الأسهم ليسوا بالبساطة التي يعتقدها البعض بل هم أذكى وأكثر احترافية مما يعتقده الكثير من المراقبين، وليس العامة؛ "أعتقد أن الأنظمة الجديدة لا يمكن لها المساس ب (مملكة) كبار المضاربين بالسهولة التي يعتقدها البعض"، مفيدا أنهم قادرون على التعامل والتكيف مع الأنظمة الجديدة وفق موادها الرسمية وبما يكفل تحقيق مصالحهم وتنفيذ استراتيجياتهم الخاصة. وأضاف البوعينين أن كبار المضاربين لا يتركون الأمور المهمة للصدف، بل يتصرفون وفق خطط واضحة تدعمها شبكة معلوماتية ضخمة تساعدهم في صنع القرار المناسب في الوقت المناسب وقبل أن تبدأ السوق في التعاطي مع تسريبات الأخبار المؤثرة، لا الإعلان الرسمي عنها. وذكر "من وجهة نظر خاصة، أعتقد أن بعض كبار المضاربين ينقسمون فيما بينهم إلى قسمين، المتداولون عن أنفسهم، والمتداولون عن الغير"، موضحا أن المتداولين عن أنفسهم أعادوا ترتيب ملكياتهم في الأشهر الماضية وبما يضمن لهم السرية التي ينشدونها، والتي تكفل لهم السلامة في كثير من الأحيان قياسا بأسلوب التداول الذي ينتهجونه والذي يعتقد البعض أنه ضد مصلحة السوق والمتداولين. بينما يرى الخبير الاقتصادي أن البعض الآخر ليسوا في حاجة إلى اتخاذ أي إجراء لتجاوز قرار إعلان الملكية على أساس أنهم يعملون لأنفسهم ضمن مجموعة من المضاربين كفريق عمل متجانس لا يمكن الربط بين أعضائه؛ "المجموعات يمكن لها أن تسيطر على نسب تزيد على 20في المئة دون أن يظهر ذلك في سجلات الملكية الخاصة بأفرادها المتفرقين". أما المتداولون عن الغير فيذكر البوعينين أنهم ليسوا مضطرين لإجراء أي تعديلات على استثماراتهم المباشرة على أساس أن تحكمهم في السوق يتم من خلال مجموعة من الأسهم تزيد في مجملها عن نسبة 5في المئة إلا أنها مسجلة بأسماء ملاكها الحقيقيين، ويقتصر دور المضارب فيها على الإدارة من خلال الإنترنت، مؤكدا أنه في الحالتين يبقى المضارب المحترف ممسكا بزمام الأمور دون أن يظهر لاسمه أثر في القوائم الرسمية. وأوضح البوعينين أن قرار نشر قوائم أسماء من يمتلكون 5في المئة وأكثر في السوق السعودية هو جزء لا يتجزأ من قوانين أسواق المال العالمية التي تشدد على الشفافية لا في الإعلان فحسب بل والإعلان عن النوايا المستقبلية فيما يتعلق بملكيتهم في شركات السوق، مبينا أن انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية تفرض عليها الالتزام بمعايير الشفافية العالمية في أسواق المال، وإعلان أسماء المستثمرين الاستراتيجيين ومن في حكمهم جزء رئيس من شفافية الأسواق. ومن جانب آخر علّق الخبير الاقتصادي على مشروعية هذا القرار بقوله "طالما أن ولي الأمر أعطى لهيئة السوق المالية مسؤولية تنظيم السوق وإدارتها والإشراف عليها وإصدار القوانين والأنظمة الكفيلة بتحقيق المصلحة العامة، فكل ما يصدر عن هيئة السوق هو جزء من الأنظمة والقوانين الرسمية التي تتصف بالصحة والنفاذ، وهي ملزمة لكل من أراد دخول السوق وفق النظام" موضحا أن الأنظمة المستحدثة فيما يتعلق بالقطاع المالي العالمي تؤكد على وجوب تحقيق الشفافية والوضوح في التعاملات المالية وتناقلات الأموال وما في حكمها من أوراق مالية.