ليس للمباهاة عندما تنعقد مؤتمرات وندوات على مستوى اختصاصيّ كبير، وبحضور هائل من علماء ورجال بحث في أدق تقنيات العصر، أو لمناقشة سياسات مالية وعلمية، وفكرية تجد المملكة أنها جزء من مشروعاتها الوطنية، والهادفة إلى توطين العلوم والرساميل، وإضافة فهم وتجربة لكل مواطن في هذا البلد.. المؤتمر العالمي الذي ينعقد في جدة، وبرعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله في تقنية (النانو) ليس تظاهرة إعلامية لأحدث تقنيات العصر، وإنما لأننا مقبلون على تحديات عصرية جديدة، جاء هذا المؤتمر ليكون نواة فهم أسرار هذا العلم ووضعه في قائمة تحديث حياتنا العلمية، والأمر يندرج مع سباق عالمي في كسب مثل هذه الفرص وتوطينها، ولعل الملك عبدالله المهتم ذاتياً بكل تطور حديث، بدءاً من إيجاد الكفاءة البشرية، مروراً بتأسيس جامعات ومراكز بحوث تتعلق ببيئتنا والعالم المحيط بنا، وانتهاءً بقراءة آخر مستحدث يريد تغيير وجه العالم يريد مثل هذا المنجز الجديد والذي تدخل المملكة مجاله من خلال حشد الخبراء والعلماء في هذا المؤتمر.. العصر الحديث يعتبر العابر السريع للزمن والإنسان، ولعل ما طوته السنوات العشرالماضية، بمقياس أزمنة الماضي يعتبر ثورة قياسية في التقدم البشري لدرجة أن تسارع الحياة وصعوبة ملاحقة المستحدث اليومي، تفرض على أي دولة تريد كسب المعارف، أن تجعله في أهم خططها، والمملكة عندما تواصل التفاعل مع شريحة مرموقة في المجتمعات المتقدمة، ومن كل دول العالم التي تمتلك رؤية العصر وما بعده، وتحاول أن تخلق تعاوناً إيجابياً، فإن كل خطوة في هذا الاتجاه تعني البدايات الصعبة، لكنها ليست المستحيلة، ومن هذا الموقف يأتي فتح المنافذ في مختلف الاختصاصات.. وكما أن العقل لا يقف عند لون وجنس، وأن القضية فقط توفير الأسباب المادية والمعنوية، ومعهما التصميم والإرادة الفاعلة، فإن المملكة بكل الحسابات والنتائج، تريد أن تقيم علاقة زواج دائم مع كل ما يضعها على سلم التقدم، طالما الإيمان بالاستثمارات الخلاقة وحدها هو الطريق إلى جني المكاسب.. فالتركيز على التعليم بقنواته المختلفة لازمة أساسية، أي من خلال هذه المبادرات نصل إلى كفاءة الإنسان، الذي هو مركز تأهيل وتفعيل التنمية المتكاملة، والتجارب الماثلة أمامنا لدول آسيوية استطاعت اللحاق بالغرب المتقدم، تضعنا في قلب هذه المهمة ليس فقط لاستغلال فرصة تنامي الدخل الوطني الكبير من النفط، وإنما لتأسيس قواعد هي بذاتها رأسمال متطور ورصيد للأجيال القادمة لدمج القوة المادية بالبشرية.. المؤتمر تظاهرة علمية مدروسة، ونطاقه قد لا يقتصر على المملكة إذا ما استطعنا أن نضع أقدامنا على سلم هذه التقنية القادمة، والتي يراها العلماء والمختصون ثورة جديدة بمعطياتها المختلفة، وكشوفاتها التي تجعل التقدم مشروعاً إنسانياً عاماً.. قد يجهل الكثير منا المصطلح والأهداف التي يحددها، غير أن تقنية (النانو) وبتعريف من يتعاملون معها في نطاقها العلمي، تعتبرفتحاً جديداً وأن الاستثمارفيها قيمة ذاتية ستعطي مكاسب كبيرة لمن لديه القدرة على امتلاكها وزرعها..