فكرة أن الثقافة بالمعنى الجماعي هي "ثقافة البشرية" قبل أي شيء آخر هي التي تسيطر في الوقت الراهن على عدد من مراكز العلاقات الثقافية في بعض دول العالم، وأغلب تلك المراكز بدأت الاهتمام بالبحث عن الجوانب البشرية المشتركة بين الأمم بعد أحداث سبتمبر 2001سعياً منها إلى البحث عما هو إنساني مشترك مما يساعد على التقارب بين الشعوب. والحقيقة أنه منذ بدايات القرن العشرين ظهرت هذه الفكرة حينما أدت المنافسة بين النزعتين القوميتين الفرنسية والألمانية إبان المواجهة الشرسة إبان حرب 1914- 1918بين فرنسا وألمانيا إلى تفاقم الجدل الإيديولوجي حول الثقافة، وتحولت هذه الكلمة إلى شعار يستخدم كالسلاح، وفي منتصف القرن زادت الدراسات المعنية بهذا الجانب، ونتج عن المسعى الموضوعي في التفكير حول الإنسان والمجتمع ولادة علم الاجتماع وعلم الإناسة أو مايسميه البعض بعلم الأعراق البشرية (Ethnoloqy). فحاول علم الإناسة تقديم جواب موضوعي عن السؤال المتعلق بالتنوع البشري، وهو كيف يمكن النظر إلى الخصوصية البشرية عبر تنوع الشعوب والأمم؟ وقد كان الجواب كامناً في التأكيد على أن الاختلاف يكمن في التفكير بالتنوع في الوحدة. وقام بعض علماء الإناسة باكتشاف وسيلتين متوازيتين هما: الوحدة التي تقلل من أهمية التنوع من خلال اعتباره أمراً مؤقتاً يسير وفق مخطط تطوري، والوسيلة الأخرى هي التي تعطي اهتماماً للتنوع مع الحرص على عدم تناقضه مع الوحدة الأساسية للبشر. وانبثق من هذا المزج مفهوم شكل إدارة مفضلة للتفكير في هذه القضية في مجالات متنوعة وهو مفهوم "الثقافة"، وهي كلمة ذات دلالات واسعة لكنها استخدمت بمعنى محدد عند الباحثين في علم الإناسة يختلف عن المعنى المتبع عند الفلاسفة، وهو تعريف يعين ما ينبغي أن تكون عليه الثقافة من خلال وصف واقعها في المجتمعات البشرية، بمعنى أن التعريف يركز على الخصائص أكثر في تحديد مفهوم الثقافة، ومن ذلك أن الثقافة إنسانية، ومكتسبة، ومتنوعة، واجتماعية، وهي أفكار وأعمال، كما أنها نسيج متداخل، ولكلّ خاصيةٍ مما سبق تفصيل يبرز اختلاف ثقافة البيئات والمجتمعات.