عاد الهاجس الأمني في مدينة بيروت ليطغى على ما عداه من ملفات الحركة السياسية والحياتية اللبنانية إثر عدد من الاشكالات التي شهدتها مناطق مختلفة من العاصمة بيروت مع عودة متفرقة للظهور المسلح ولو بشكل مغلَّف. فقد تجدد التوتر في بيروت عامة وفي محلتي الطريق الجديدة وقصقص خاصة إثر إقدام أهالي المنطقتين على إحراق دواليب السيارات وقطع طرق احتجاجا على وضع الشرطة القضائية حراسا على الجريح في مستشفى المقاصد (عماد محمد الزغلول) الذي تعرّض لإطلاق نار في محلة بئر حسن على أيدي أربعة شبان يرتدون بزات قوى الأمن وأصابوه إصابات خطيرة. وجرى تلاسن شديد بين الاهالي وبين عناصر الشرطة القضائية حيث تدخل الجيش على الفور لفض الإشكال إلا أن الامور تطورت نحو الأسوأ ما دفع الجيش لإطلاق قنابل مسيلة للدموع على المتجمهرين وعلى الفور هرعت سيارات الاسعاف إلى أماكن التوتر وعملت على نقل المصابين بحالات الاختناق. وأفيد أن الاشكالات بدأت عندما حاول الجيش نقل الجريح الزغلول إلى المستشفى العسكري في ظهر الباشق تحت ذريعة وجود مذكرات توقيف قضائية بحقه. وفي ساعة متأخرة من ليل الخميس طوّق الجيش إشكالات أمنية متفرقة بين أهالي الطريق الجديدة وبعض العناصر الغريبة التي أفيد بأنها تابعة لحركة (أمل) و(حزب الله) حيث هاجم المخربون المنطقة على دراجات نارية مكيلين السباب للأهالي ما دفع بالاخيرين إلى التصدي لهؤلاء ومطاردتهم وتوقيفهم. وفي سياق متصل تعرض مواطن لبناني موال ل(تيار المستقبل) لإطلاق نار في محلة عرمون ووصفت إصابته بالخطيرة. إلى ذلك ترأس وزير الداخلية والبلديات حسن السبع اجتماعا استثنائيا لمجلس الأمن المركزي للتداول في الاوضاع الأمنية في العاصمة بيروت وعلى الاثر صدر قرار تم بناء عليه تكليف القوى العسكرية والأمنية وضع خطة في أسرع ما يمكن لوقف التحريض الإعلامي في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة وعودة جميع المواطنين في بيروت إلى المنازل والمؤسسات التي تركوها خلال الحوادث الأخيرة ونزع الصور والأعلام واللافتات في شوارع بيروت وإعادة تسليم جميع المكاتب الحزبية إلى جميع الفرقاء في بيروت. من ناحية اخرى اطلع رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الذي رعى اتفاق حل الازمة بين الموالاة والمعارضة، على تطورات الاوضاع الأمنية وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية كما افاد مصدر رسمي الجمعة. وذكرت الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية ان امير قطر اتصل بالرئيس اللبناني "للتداول معه في الاوضاع والتطورات السياسية والأمنية الاخيرة". وأعرب الشيخ حمد عن "دعمه للجهود المبذولة لاستكمال تطبيق إتفاق الدوحة (الذي تم توقيعه في 21ايار/مايو)، والدور الذي يمكن ان تلعبه قطر في تقريب وجهات النظر بين القيادات". من ناحيته اوضح سليمان "أن الحوار قائم على النقاط التي يدور البحث حولها بين القيادات السياسية، وصولا إلى تشكيل الحكومة الجديدة". واكد للشيخ حمد "ان التعليمات المشددة أعطيت إلى الاجهزة الأمنية لمعالجة الاشكالات التي حصلت في اليومين الماضيين وما نتج عنها من ذيول لمنع تكرارها". وكان الملف الأمني قد تقدم على المشاورات لتشكيل الحكومة بعد تلويح كتلة نواب تيارالمستقبل، اكبر الكتل الموالية، بتعليق مشاركتها في المشاورات بانتظار ضبط الوضع الأمني خصوصا في بيروت. واكد رئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة مساء الخميس ان البحث يجري "بالتوازي" في الملفين. وقال اثر اجتماع بالرئيس سليمان "بحثنا اولاً في حصيلة المشاورات للحكومة كما بحثنا في التطورات الأمنية". وردا على سؤال عما اذا كان الشق الأمني تقدم مسألة تأليف الحكومة اجاب "نحن نسير على الخطين بالتوازي، لهذا السبب لا نريد ان نستخف بالموضوع الأمني، بل ان نعالجه بحكمة وبحزم شديد". من جهة اخرى يصل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى بيروت اليوم السبت في زيارة هي الاولى لرئيس اجنبي أوعربي إلى لبنان لتهنئة رئيسه ميشال سليمان بوصوله إلى سدة الرئاسة الاولى والاعلان عن دعم فرنسي له. وحرص ساركوزي على ان يرافقه في زيارته التي ستستمر يوما واحدا وفد كبير يضم رئيس حكومته فرانسوا فيون ووزراء الدفاع هيرفي موران والخارجية برنار كوشنير ورئيس مجموعة حزب اتحاد الحركة الشعبية جان فرانسوا كوبي. وحرص ساركوزي على ضم وفد نيابي فرنسي استثنائي إلى زيارته اللبنانية حيث ستقلع طائرة هذا الوفد من باريس فجر اليوم ويضم رؤساء الأحزاب الأساسية الممثلة في البرلمان الفرنسي وفي مجلس الشيوخ.