المملكة العربية السعودية دولة تثير إنتباه العالم بأسره، فكل ما يستجد في السعودية، من مواضيع ثقافية وقضايا شائكة تجده في وكالات الأنباء الأجنبية والصحف العالمية الشهيرة، وأصبح الشعب السعودي في عصر العولمة عارياً أمام العالم الخارجي، ولا يمكن لأحد أن ينكر ذلك أو يمنع حدوثه. لكننا لن نخوض في العوامل والأسباب التي جعلت مجتمعنا مادة إعلامية تتسابق عليها أضخم الصحف العالمية، بل سنذكر بشيء من التلخيص آخر مستجدات مشهدنا الثقافي، وهو إطلاق الدورة الأولى لمسابقة أفلام السعودية في الدمام، وتعاطي الصحف العالمية لهذا الموضوع، الذي كان من وجهة نظرهم خطوة أخرى في الطريق التي سلكته المملكة مؤخراً في دعم الفن والثقافة. أولى وسائل الإعلام الأجنبية التي تحدثت عن المهرجان، في بداياته، كانت مجلة "الفارايتي" الرائدة والمتخصصة في نشر أخبار نجوم السينما والاستوديوهات. كتب الخبر من قبل متخصص أخبار منطقة الشرق الأوسط الكاتب جعفر علي معنوناً الخبر المنشور في بداية فبراير الماضي، وقت مهرجان برلين السينمائي، ب "المملكة العربية السعودية تزيح الستار عن أول مهرجان سينمائي". وذكر في الفقرة الأولى من الخبر عبارة "..بالرغم من أن صالات العرض السينمائية لا زالت ممنوعة". حتى يستطيع الجميع أن يتفهم أهمية هذا الخبر، وبالتالي أهمية المهرجان. وبنفس الطريقة، من اليوم التالي نفسه، ذكرت صحيفة النيويورك تايمز في صفحة الفن خبراً صغيراً، جاء فيه "أن النوادي الأدبية في السعودية تعرض أفلاماً سينمائية خاصة لسريان قانون منع إنشاء صالات سينمائية تجارية، بالرغم من أن مقاهي المدن تعرض أفلاماً أمريكية طوال الوقت". هذه الأخبار نشرت قبل أن تنطلق المسابقة بثلاثة أشهر، ومع أن وقت انطلاق مسابقة الأفلام السعودية هو وقت لا يمكن لأي مهرجان سينمائي في العالم أن يختار مثله، لتزامنه مع مهرجان كان السينمائي، إلا أن القائمين على المهرجان لم يكن في نيتهم تماماً أن ينصبوا أنفسهم منافسين لأكبر مهرجان سينمائي في العالم، حتى ولو كانت جميع الجائزتين الرئيسيتين، في كان والدمام، لهما نفس الاسم في اللغة الإنكليزية، "جولدن بالم" ليترجم بالعربية في مسابقة الدمام بالنخلة الذهبية بينما في كان بالسعفة الذهبية. لكن.. وبعيداً عن العوامل المشتركة التي جمعت مهرجاننا الوليد مع أشهر مهرجانات العالم، فإن تزامن المهرجانين لم يقلل من أهمية من سيفوز بأول نخلة ذهبية لدى وكالات الأنباء العالمية، وكأن لسان حال بعض الصحفيين، الذين يميلون للمبالغة، يقول "مسابقة أفلام السعودية تسرق الأضواء من مهرجان كان". والذي سيؤكد هذا الشيء هو التقرير الذي صدر في صحيفة "الغارديان" البريطانية والذي نشر في تاريخ 21مايو أي بعد أيام بسيطة من افتتاح المسابقة. وجاء في الفقرة الأولى من التقرير الموسع الذي كان عنوانه "السعودية دولة بلا سينما": "أبعد ما يكون عن أضواء مهرجان كان، بدون نجوم سينمائيين، بل مجرد حضور جماهيري من الرجال يحتسون أقداح القهوة بدلاً من الشمبانيا، بينما النساء يدخلن من أبواب جانبية في ممرات منفصلة.. ومع ذلك كان الجو مفعماً بالسعادة والتفاؤل" وذكر التقرير بعدها مدى أهمية المهرجان ودوره التوعوي الذي قد يمهد لإنشاء دور سينما في المنطقة. وإذا تجاوزنا مقدمته الطريفة، جاء التقرير في مجمله دقيقاً وموضوعياً، كاهتمام الصحف السعودية بالموضوعات السينمائية وتخصيصها صفحات أسبوعية لها، والتطور الثقافي الملحوظ مؤخراً في السعودية والمدعوم مباشرة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. والجدير بالذكر أن الزميل والمخرج "عبدالله آل عياف" نشر له مقال بعنوان "قريباً سكورسيزي السعودية" في صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية في تاريخ 18مايو تحدث فيه عن ظروف صناعة السينما انطلاقاً من تجربته الذاتية. وكذلك فقد شهدت المسابقة حضور مراسلة من التلفزيون الروسي لتغطية الفعاليات، وكل ذلك في سياق الاهتمام الإعلامي الذي حظيت به مسابقة الأفلام السعودية، لخصوصية المملكة من جهة، ولعولمة الإعلام من جهة أخرى، وما بين هذين العاملين أصبح بإمكان السينمائيين الشباب الآن أن يقدموا إبداعاتهم للعالم الخارجي، فقد أصبح لمفردة "فيلم سعودي" رونق خاص ووقع مثير في المهرجانات الخارجية.