السيطرة الغربية لمعتوق صدر كتاب: مرتكزات السيطرة الغربية،لعالم الاجتماع اللبناني فريدريك معتوق عن دار الحداثة، 2008، ويتناول هذا الكتاب مناقشة التساؤل الآتي ومحاولة الاجابة عنه: لماذا يسيطر الغرب على العالم منذ قرابة الخمسة قرون؟ ويرى، في هذا السياق، انه على الرغم من اقدام عدد من كبار المفكرين والمثقفين في العالمين العربي والغربي على تقديم اجابات عن هذا التساؤل، غير ان مناقشة هؤلاء لهذه القضية بدت مفتقرة، على الأرجح الى الناحية المعرفية. وهي، وفقاً للمؤلف محاولة تقصي اسباب غلبة الغرب في طرائق التفكير والتخطيط والتنفيذ. على هذا الأساس، يسعى الكاتب الى مقاربة هذه المسألة الشائكة من هذه الزاوية بالغة الأهمية، وذلك بالتوقف لدى التمفصلات الذهنية لسيطرة الغرب على العالم المعاصر. ويتضح من هذه المقاربة على الأغلب، ان خمسة محركات ذهنية تشكل الأساس الموضوعي لهذه الظاهرة. اذ ان طريقة فهم وممارسة مسائل (السيطرة والمساجلة والربح والتنظيم والمعرفة) هي ما يجعل من الغرب ما هو عليه اليوم من عظمة وقوة. يعتقد الكاتب ان فهم ظاهرة الغرب هو من نسيج فهم البنى المعرفية التي يعيش في اطارها الغربيون. ذلك ان تنسيق المحركات الذهنية الخمسة المذكورة اعلاه لدى الغربيين، كأفراد وجماعات، هو الذي يسمح لهم بالاحتفاظ بهذه السيطرة على العالم على نحو من الشكل الثابت والمنهجي والمتواصل الذي نشهده منذ قرون عدة. ويلحظ الكاتب، في المقابل، ان تجارب السيطرة المختلفة التي عاشتها مناطق جيوسياسية اخرى، كاليابان ابان النصف الأول من القرن العشرين، على سبيل المثال، لم ترق الى مستوى التناسق الذي بلغته التجربة الغربية؛ الأمر الذي لم يسمح لها بالديمومة والسيطرة على العالم كما هي الحال في التجربة الغربية، ذلك ان استثمار المحركات الذهنية قد خضع، شرقاً وغرباً، لمعالجات مختلفة لم تبلغ كلها لا التركيب نفسه ولا النتيجة نفسها. وهذا يعني في رأي المؤلف، ان قوة الكتلة الغربية لا تنبع فقط من تجربتها التاريخية الخاصة، بل ايضا من جهدها المتواصل في اعادة تأهيل بناها المعرفية بشكل يتناسب مع كل عصر. هنا كمن سر نجاحها الحقيقي. لا ينطلق الكاتب، في بحثه هذا من وجود اختلاف في طبيعة البنى الذهنية عند الغربيين مقارنة بسواهم من البنى الذهنية لدى شعوب الأرض الأخرى، بل يرى ان ثمة اختلافاً في تحريك وتفعيل عناصر هذه البنية، الموجودة اصلا لدى الجميع، بحسب خصوصيات التجربة التاريخية الغربية في شقها المتعلق بمسألة السيطرة. والأرجح ان هذا التحليل يفضي الى التوقف عند مرتكزات هذا التحريك المعرفي الذي من المفترض ان ينمي فينا الحشرية العلمية لما لهذه الخصوصية الغربية من تميز في تعاملها مع كل ما يقع خارج دائرتها. فكما ان الغرب يعرفنا، علينا نحن ايضا ان نتعرف عليه، بغية ان نتمكن من الدخول في حوار بناء معه في يوم من الأيام، من منظور مفاهيمنا ومفاهيمه على حد سواء. قاموس جبران لإسكندر نجار وضع الكاتب ألكسندر نجار (قاموس جبران خليل جبران) الصادر عن دار الساقي -2008، بعد إصداره كتابين عن جبران سابقاً للمساعدة في التعرف الى جبران الإنسان، الأديب، الرسام، وحتى العاشق، ملخصاً بذلك حوالي خمسين عاماً من حياة هذا الكاتب اللبناني الشهير بالتفاصيل الدقيقة والبسيطة وصولاً الى أكثرها أهمية، وحتى تلك التي لم يكن لدى الناس أدنى علم بها، فوفر على القارئ الجهد في البحث والتقصي. بعد الإطلاع على مضمون القاموس نكتشف تفاصيل لم ترد في أذهاننا، ظناً منا أنها ليست مهمة، وأخرى كان علمنا بها خاطئاً. يمتاز القاموس بأنه سهل القراءة وساهم ترتيبه الأبجدي في مطالعته بطريقة بسيطة. تعتبر هذه النقلة النوعية في فهرسة حياة كاتب ما، جديدة من نوعها وفكرة مبتكرة ولا يجب أن تقتصر على جبران فحسب بل أن تتسع وتشمل الكتاب والأدباء اللبنانيين والعرب على حد سواء وحتى الأجانب اذا كانت مؤلفاتهم وحياتهم تؤثر بشكل او بآخر في القراء العرب وتهمهم. فلكل أديب تاريخه ويجب أن يطلع الناس على مؤلفاته لإغناء العقل العربي وتثقيفه وجعله يدرك ما يحفل به هذا العالم من شخصيات مهمة ساهمت في إعطاء قيمة للبلد الذي تنتمي اليه. من بين الأمور المهمة التي تطرق إليها القاموس تعلُّق جبران بوطنه إلى حد الهوس. لم يكذب من قال: (أرز لبنان هو جبران، وجبران هو مجسم ناطق عن الأرز). اقترن اسمه بالأرز وسما بهذا البلد في شتى بقاع العالم. لا ضير في هذه الحالة من أن يوضع قاموس باسمه ليكون دليلاً لكل من يرغب في التعرف اليه والى لبنان على حد سواء. نلاحظ من خلال قراءته، أن الكاتب مر على كل ما اختلج في حياة جبران من مشاهد وأحداث منذ ولادته وحتى وفاته بشكل كامل ولافت، بالإضافة إلى ذكر المناطق التي أثّرت فيه و(سكنها وسكنته)، من بينها بشري، مسقط رأسه، وشكلت مادة مهمة في كل كتاباته، فتحدث عن تلالها، شمسها، أعاصيرها وكل بقعة فيها، وبرز كلامه عنها بجلاء في كتابه النبي، كذلك (بوسطن)، حيث استقر لدى وصوله الى العالم الجديد وفقد والدته وأخاه وأخته، وكان لها شرف احتضان جثمانه فترة موقتة، نيويورك أيضاً حيث أسس مع مجموعة من الأدباء (الرابطة القلمية) لسان حال لبنان والعالم العربي إلى العالم بأسره، ومستشفى سان- فنسنت حيث توفي في 10نيسان (أبريل) 1931وغيرها من المناطق التي وطأها جبران. في مجال آخر، تحدث الكاتب عن الشخصيات المقربة من جبران وبرزت تحت اسمه. تصدرت لائحة أصدقائه، (مي زيادة) شخصية جبرانية غاية في الأهمية، شاطرته أفكاره بخاصة تلك المتعلقة بحقوق المرأة. أحبها وأحبته لكنها لم تعترف له بذلك الا بعد مدة طويلة. كانت علاقتهما تتم عن طريق المراسلات التي استمرت حتى وفاته، مع أنهما لم يلتقيا الا انهما شعرا بقرب أحدهما من الآخر. ومن أصدقائه ايضاً (مارييتا لوسن) التي كان يدعوها بأميرتي العزيزة... فضلا عن العائلة. كذلك تناول الكتاب الأدباء الذين واكبوا جبران طيلة حياته من بينهم، امين الريحاني، ميخائيل نعيمة، رشيد ايوب، ايليا ابو ماضي وغيرهم من الذين شكل معهم الرابطة القلمية في نيويورك في 20نيسان (ابريل)