كتب والتر رودجرز وياسمين الأميري مقالاً نشرته صحيفة (كريستيان ساينس مونتور) تحت عنوان "ما الذي قد يبني العراق فعلاً؟" قالا فيه إن الشعب العراقي يقدس قيمتين هامتين هما الأسرة والتعليم، إلا أن الاحتلال الأمريكي وعنف المتمردين قد مزقا تلك القيم بما يثير الشك في امكانية عودة الحياة في المجتمع العراقي إلى حالتها الطبيعية مع استمرار الاحتلال والتمرد. ويقدم المقال مثالا لما يمكن أن يترتب على إعاقة التعليم، إذ أن الاحتلال الإسرائيلي ومحاصرته للاراضي الفلسطينية قد أسفر عن نشأة جيل جديد من الشباب الفلسطيني غير المتعلم الذي يبغى الخلاص بالانضمام إلى المتطرفين، وفي العراق الوضع لن يختلف كثيراً، إذ تشير تقارير الاممالمتحدة إلى أن الجماعات المسلحة غير الرسمية تجند الأطفال، حسب ما أورده احدث التسجيلات المرئية التي اذاعتها القاعدة، وهو ما اعترف به وزير الداخلية العراقي فوزي الحريري معرباً عن أمله في أن ينجح برنامج التوظيف الجديد في استقطاب هؤلاء الأطفال بعيداً عن الجماعات الإرهابية أو الإجرامية، لذا فالدرس الذي ينبغي تعلمه هو أن أي احتلال أجنبي للاراضي الإسلامية منذ الحملات الصليبية وحتى اليوم لم ينتج عنه سوى الدمار الثقافي والاجتماعي والكراهية، وفي الفترة القادمة ستحظى أي طائفة عراقية بالدعم الشعبي إذا ساهمت في تحسين الأوضاع التعليمية والاجتماعية بالعراق، في الوقت الذي اضطرت فيه القوات الأمريكية إلى تأجيل كل مخططاتها من أجل إعادة البناء بسبب أعمال العنف التي كانت تستهدف المقاولين وعمال البناء، وكذلك بسبب الفساد الإداري الذي يسود العراق منذ عهد الرئيس السابق صدام حسين.. لكن الجهود الأمريكية قد يمكنها البدء بالتركيز على إصلاح المؤسسات التعليمية المدنية من مدارس وجامعات وتوفير المواد الغذائية لها بعدما أصبحت نسبة الأطفال العراقيين بالمدارس الابتدائية 50% فقط بعدما كانت 80% عام .2005. بل إن الشعب العراقي يقارن وضع التعليم المتردي الآن بما كان عليه من ازدهار في عهد صدام والذي نجح في محو أمية العراق بنهاية الثمانينيات، بينما يعاني ثلث الشباب العراقي من الأمية.. ثم يعود المقال ليؤكد على ضرورة عودة الحياة الاجتماعية العراقية إلى حالتها الطبيعية بعدما فقد العراقيون كل ما يمكنهم الفخر به، حتى أصبحوا لا يمكنهم الجلوس على المقاهي أو الذهاب لدور السينما أو المسرح التي أُغلقت بعد الغزو بما يوحي بأن خمس سنوات من الاحتلال الأمريكي قد غيرت وجه المجتمع العراقي الذي يتحسر بعض مواطنيه على عهد صدام حسين.. ثم يطرح المقال السؤال: هل سيستطيع العراقيون استعادة المسؤولية عن أنفسهم في ظل تواجد القوات الأمريكية؟ ويجيب مختتماً المقال بقوله ان العراق مر بعدد من الأحداث السعيدة بعد الغزو، والتي أكدت انه ما زال هناك ما يمكن للعراقيين الفخر به مثلما حدث بعد فوز الفريق الوطني لكرة القدم على الفريق السعودي في مباريات كأس آسيا عام 2007م، والذي أعاد للعراقيين الشعور بأنه رغم الحرب المدمرة قد يكون النصر حليفهم في النهاية. @ (خدمة ACT)