حول سور حديقة الميريلاند، أشهر حدائق القاهرة والواقعة في حي مصر الجديدة الراقي، يمكنك أن تشاهد مع اقتراب المساء محبي رياضة المشي وهم يقطعون الدورة الواسعة للحديقة وبرفقتهم صديق وفي: كلب أليف يسير في صمت متأملا الأضواء الخافتة المنبعثة من جنبات الحديقة. وقد أصبح هذا المشهد، الذي كان يمكن أن يثير الدهشة منذ عدة سنوات، مألوفا وصار السير بصحبة الكلاب من الأمور المحببة خاصة إلى نفوس الفتيات، ربما لأن الفتاة تشعر إلى جوار الكلب بالأمان أو لأنه صديق مخلص لن يفكر في هجرها أو حتى التدخل في شؤونها الخاصة. وتشير دراسة أعدها المركز القومي للبحوث الاجتماعية في مصر إلى أن أحد أسباب إقبال الفتيات على التنزه مع الكلاب يرجع إلى ارتفاع سن الزواج في مصر وبالتالي يصبح الكلب عوضا عن الزوج عند الخروج من المنزل، كما أن تفكك الأسرة الناتج عن هجرة الأبناء طلبا للعمل أو الزواج في الخارج دفع المسنين إلى اقتناء الكلاب كأنيس موثوق به. ويبدو أن رياح العولمة التي هبت بشدة على مصر جاءت لمصلحة الكلاب، فقد انتشرت الأطعمة المخصصة لهذه الحيوانات في المتاجر الكبرى. وكانت هذه الأطعمة من المحظورات في الماضي عندما كان يسود مصر ما يعرف باسم "الاقتصاد الموجه" باعتبارها "سلعا استفزازية". كما انتشرت العيادات البيطرية التي تقدم الرعاية الصحية للكلاب، وهناك مشروع ينفذه حاليا أحد رجال الأعمال يتمثل في افتتاح فندق لاستضافة الكلاب التي يسافر أصحابها لقضاء العطلات. ويقع الفندق داخل مزرعة بالقرب من الطريق المؤدي إلى الساحل الشمالي، ويحصل الكلب أثناء الإقامة على وجبات فاخرة وخدمات صحية بالإضافة إلى التدريب على الصيد والحراسة مقابل مبلغ يصل إلى 150جنيها يوميا (ما يوازي 30دولارا)، وثمة مشروع آخر لإقامة مقابر خاصة بهذه الحيوانات الأليفة. ومن آثار العولمة التي أسعدت الكلاب في مصر أن الحملة الدعائية التي شنتها النجمة السينمائية الفرنسية المعتزلة بريجيت باردو على عمليات إعدام الكلاب في شوارع مصر رميا بالرصاص أو بالسم بدأت تؤتي ثمارها، فقد قرر المسؤولون عن الطب البيطري الأخذ بالاقتراح الذي طرحته باردو بتعقيم الكلاب لمنعها من الإنجاب بدلا من قتلها. وبدأت بالفعل عدد من الإدارات البيطرية بالقاهرة في إجراء عمليات جراحية لتعقيم الكلاب بعد تخديرها وتتكلف العملية الواحدة ما يوازي 30دولارا وتستغرق 30دقيقة للذكر وساعة واحدة للأنثى.