قيل قديماً ويتردد كمثل بيننا ونؤمن به إلى حد بعيد ذلك القول (إن من البيان لسحرا) والحديث فن يجذبنا ويأسرنا ويقنعنا بما لم نكن به مقتنعين في كثير من المواقف!! إذاً هو سحر البيان وتأثيره! وما أكثر ما عرفنا أشخاصا وكان لنا رأي معين فيهم ما يلبث ان يتغير جذرياً حين يتحدثون ويتناولون أطراف الحديث ويتبادلون الآراء معنا أو على مسمع منا، وهذا ليس فقط مع غير المتعلمين أو حاملي الشهادات، إنما هو وللأسف كثيراً ما يتضح مع ذوي الشهادات.. وما أكثر أولئك الذين لم ينالوا حظاً من التعليم لكنهم أساتذة في ميدان الحوار، المسألة ليست بالشهادات، إنما هي بالثقافة وسعة الاطلاع وعمق الوعي! ومما هو ملاحظ ان بعض الذين تطاردهم وسائل الإعلام لا يتقنون الحديث ولا يملكون فن الحوار والتحاور رغم أنهم قد يكونون ذوي مكانة خاصة ولهم تقدير ما!! وهذا ينطبق على بعض المسؤولين في جميع القطاعات والفنانين بمختلف مجالاتهم، حين نرى إعلاناً عن أن هناك لقاء مع شخصية يهم المجتمع ان يسمع ما تقول يهرع الناس لمتابعة اللقاء ولست أكتمكم القول أنني أكثر ما ألهث لمتابعة مسؤولي التربية والتعليم والشؤون الاجتماعية أو الأحداث السياسية الهامة، أما غير ذلك فمتابعتي تكون بالصدفة أو نتيجة رسالة تأتيني تطلب مني المتابعة للقاء كذا في القناة، كذا طبعاً هذا مع اللقاءات فقط، أما البرامج فهناك برامج عديدة تستحق المتابعة وفي قمتها عندي برنامج الحياة كلمة للدكتور سلمان العودة نعود للقاءات فمن خلال متابعاتي لمعظم اللقاءات ومن خلال اللقاءات التي تجريها الاخبارية في سؤال اليوم!! هذا السؤال الذي أحرجنا أكثر مما أفادنا!! وقد يكون هو للتنفيس ليس إلاّ. فمن خلاله نسمع اجابات غريبة وعجيبة وثقافة ضحلة جداً ومحرجة طبعاً ليس بشكل عام، إنما على الأغلب ونحن نهتم للأغلب! كل هذه المتابعات تؤكد لنا أننا بحاجة لوقفة جادة لمعرفة أسباب الضعف الواضح في التعبير والحديث والتلعثم والتردد والتورط في اجابات غير مناسبة وأحياناً عدم فهم السؤال والاجابة باجابة مغايرة حتى أننا كمشاهدين غيورون على صورتنا كسعوديين قد نتصبب عرقاً وكل واحد منا يشعر أنه هو الضيف السفير الذي يمثل بلاده داخلها وخارجها فهذه اللقاءات على الهواء يشاهدها العالم بأسره، وكثيراً ما نتساءل أين الخلل؟؟ إلاّ أنني بمعلوماتي البسيطة أجد الخلل في بيوتنا وفي مدارسنا، البيت لا يهتم بالحوار والثقافة بل يرون من العبث ضياع النقود في شراء الكتب وخلو المكتبات في الأيام العادية واكتظاظها بالمشترين أول أيام الدراسة أكبر بدليل على ذلك!! ناهيكم عن الأوامر الصارمة التي تغلف معظم علاقاتنا بأبنائنا أو البرود والتفكك الأسري، بيوتنا في معظمها تخلو من المكتبات المنزلية والمكتبات المدرسية لا تؤدي دورها بالشكل المؤثر والمطلوب إذا كان عدد لا يستهان به من القائمين والقائمات على التربية والتعليم وكذلك الآباء والأمهات لا يحبون القراءة فكيف يحبها الجيل؟؟ وكيف يتم غرس حب الاطلاع في النفوس الغضة إذا كانت المكتبة ليست للصغار!! حصة التعبير في مدارسنا بحاجة لأن يتغير وضعها وتتخذ آلية جديدة أكثر تأثيراً وأعمق متابعة دون ملل أو ضغط على كلا الطرفين (المعلم والطالب) وهذه ضرورة ملحة لا تحتمل التأجيل أو التسويف فالواقع يجبرنا على ذلك، يجب ان تكون أكثر من حصة في الأسبوع خاصة في المرحلة الابتدائية يجب الا تنفصل حصة التعبير عن القراءة ثم في المراحل الأعلى يفضل الا تنفصل اللغة العربية في موادها عن بعضها إذا أردنا قوة لأجيالنا في تعبيرهم وحديثهم وقراءاتهم!! مدارسنا وبيوتنا بحاجة لأن تتبنى ثقافة الحوار عملياً وليس شكلياً وكل ما يتعلق بالتربية والتعليم يجب ان يتعدى الشكليات ليسبر العمق ويضرب في الجذور حتى نرى مخرجات قوية محصنة مدعمة تربوياً وعلمياً وثقافياً وحتى ينشأ لدينا جيل متمكن يعبر ويدافع عن نفسه وعن مجتمعه بقوة وبشكل يستحق الاصغاء نعم نحن بحاجة لأن يحترمنا الآخرون حين نفكر ويحترموننا أكثر حين نتحدث، قد يكون ضيف أي لقاء متمكنا في مجاله لكنه لا يستطيع التحدث ببديهة ولباقة وذكاء لهذا مع مثل هؤلاء في رأي لا تصلح معهم اللقاءات المباشرة حتى لا يقع في حرج ولأنه كما قلت لا يمثل نفسه فقط عند من يشاهده أو يسمعه خارج السعودية، إنما يمثلنا جميعاً كمجتمع مثقف واع يعرف كيف يقول وماذا يقول أو العكس، وحتى لا يصطدم محبوه بتخبطه وضعف منطقه وانزلاقه في متاهات العبارات والمعاني. وقد قيل وهو حقيقة بل وقاعدة ليتنا نستند إليها (رحم الله امرءا عرف قدر نفسه) إذ بامكان من لا يجد في نفسه المقدرة ان يعتذر خيراً له ولنا!! هذا ولا يمكننا ان ننكر ان هناك من اللقاءات الرائعة والممتعة بين طرفي الحوار الضيف والمضيف مما نحبس معها أنفاسنا حتى لا يحجب عنا النفس سماع كلمة ومن هنا أيضاً تتضح أهمية حسن اختيار مقدمي برامج اللقاءات لأن اللقاءات برامج ذات متابعة خاصة ونكهة معينة يتوقف على مقدم اللقاء نجاحه وبمهارته الإعلامية قد يضفي على اللقاء رونقاً ومخرجاً حين يكون الضيف مرتبكاً أو يلامس اللقاء قليل أو كثير من الخلل وتقبلوا تحياتي،،،