مصطلح "الفرنشايز" (Franchise) أو ما يعبر عنه بحق الامتياز التجاري هو عقد بين طرفين مستقلين قانونياً ومالياً، يقوم بمقتضاه أحد طرفيه، الذي يطلق عليه مانح الامتياز بإعطاء الطرف الآخر، الذي يطلق عليه ممنوح الامتياز، الموافقة على استخدام حق أو أكثر من حقوق الملكية الفكرية أو الصناعية أو المعرفة الفنية لإنتاج سلعة أو تقديم خدمة تحت العلامة التجارية العائدة لمانح الامتياز، وذلك وفقاً لتعليماته، وتحت إشرافه، حصرياً، وضمن إطار مكاني معين ولفترة زمنية محددة، مع التزام المانح للامتياز بتقديم المساعدة الفنية اللازمة وفق مقابل مادي أو الحصول على مزايا أو مصلحة اقتصادية. لقد بدأت أولى خطوات هذا النشاط في الولاياتالمتحدةالأمريكية عبر شركة "سنجر" الاسم العالمي المعروف في صناعة مكائن الخياطة، التي صممت أسلوباً للامتياز التجاري باستخدامها نظامها الخاص في الصيانة وتقديم الخدمات، مانحة في ذلك اسمها وعلامتها التجارية للراغبين في ذلك، وفي مستهل القرن العشرين الميلادي الماضي قامت شركة جنرال موتورز الامريكية باتباع هذا الاسلوب ايضاً، عن طريق شبكة من وكلائها، ثم تلتها شركات المشروبات الغازية مثل كوكا كولا وغيرها، وذلك بهدف التوسع في المبيعات والتوزيع لمنتجاتها وخدماتها، وبذلك استطاعت الولاياتالمتحدة اجتياح العالم تجارياً من خلال منح حقوق الامتياز التجاري لسلعها وخدمات قطاعاتها الاقتصادية، ووفقاً للإحصائيات المنشورة يوفر الاقتصاد الامريكي عبر مجال الامتياز التجاري اكثر من ثمانية ملايين فرصة عمل في الولاياتالمتحدةالامريكية، ومن خلال صناعة الامتياز التجاري تطرح سنوياً في سوق العمل بألمانيا أكثر من مائتين وخمسين الف فرصة وظيفية. من ذلك يتبين ان مفهوم الامتياز التجاري لدينا في المملكة ليس جديداً، بل بدأ في الواقع منذ وقت مبكر، يربو على النصف قرن منذ بداية تصنيع المشروبات الغازية في المملكة، حيث يعتبر هذا المجال من وجهة نظر اقتصادية أحد السبل المتميزة لفتح فرص استثمارية جديدة، وإيجاد مجالات عمل للحاصلين على حقوق الامتياز التجاري، إضافة إلى استفادة الممنوحين للامتياز التجاري من درجة المخاطرة المنخفضة في استثماراتهم عند إقامة وتشغيل مشروعاتهم نتيجة الخبرة المكتسبة المقدمة من المانحين، إضافة إلى تأسيس الأنشطة التجارية وفق أساليب مطورة والحصول على خلاصة الخبرات العملية من المانح للإمتياز في مجال التسويق والإدارة. ويوجد لدينا في المملكة حوالي ست وعشرين نشاطاً من أصل مائة نشاط تعمل عالمياً وفق أسلوب حقوق الامتياز التجاري، يمارس من خلالها مائتا ممنوح حق الامتياز في انشطة تجارية متعددة، ويستحوذ قطاع الملابس الجاهزة والاحذية والجلديات على حوالي 42% من إجمالي حقوق الامياز الممنوح في المملكة، بينما يأتي قطاع المطاعم والمأكولات ومنتجات الألبان في المرتبة الثانية بنسبة تزيد على 32%، ويتركز حجم النصيب الأكبر من هذا النشاط في منطقة الرياض بنسبة 66%، تليها منطقة مكةالمكرمة بنسبة 22%، ثم المنطقة الشرقية بنسبة 10%، فالمدينة المنورة وبقية المناطق الأخرى بنسبة 3%. إن النشاط الاستثماري بأسلوب الامتياز التجاري هو أحد الأساليب الفعالة لجذب التقنية المتقدمة التي تحتاج إليها المملكة، ولتوفير الفرص الوظيفية محلياً، وزيادة الاستثمارات في الداخل، وبالذات في المشاريع المتوسطة والصغيرة القائمة على العلامات التجارية، إلا أنه للأسف لم يتحقق هذا الهدف إلا على نطاق ضيق ومحدود، ولعل أبرز معوق أمام انتشار الأنشطة التي تعمل على أساس حقوق الامتياز هو عدم توفر البيئة التشريعية الملائمة، وعدم وجود نظام قائم بذاته يعمل على توضيح العلاقة وواجبات والتزامات طرفي التعاقد في حقوق الامتياز التجاري وعدم وجود إطار مؤسسي للإشراف على هذا النشاط، إضافة إلى النقص في وجود الخبرات القانونية والمالية المتخصصة في هذا المجال، والقصور في البيانات عن الأنشطة المتاحة للاستثمار بموجب حقوق الامتياز. إن وجود المناخ التنظيمي سيتيح في الواقع نشر ثقافة وبالتالي صناعة الامتياز التجاري في المملكة ليشمل العديد من الأنشطة ولا يقتصر فقط على القائم منها في مجال انتاج السلع الاستهلاكية والوجبات الغذائية السريعة، وإنما يمتد ليشمل قطاع إنتاج عناصر الصناعات الاساسية والمتقدمة، والخدمات بمختلف انواعها التعليمية والصحية والهندسية وخلافها، فإنه وفق ما ينسب لمنظمة الامتياز العالمية (IFA) يمكن لأي مشروع عمل أن يدخل مجال انشطة الامتياز التجاري، فالمنظمة تضم تصنيفاتها اكثر من 75فئة مختلفة تندرج تحت الأعمال التي يمكن ان تكون مجالاً للامتياز التجاري، بالتالي يتيح ذلك للشركات الصناعية والمؤسسات التعليمية العالية، وكذلك المراكز الطبية، ومراكز الخدمات الهندسية وغيرها ممن تطول بها القائمة ان تسهم في الرفع من مستوى الانتاج والأداء في توفير الخدمات وبالتالي العائد لدى قطاعات قائمة لدينا يفتقد البعض منها للحد الأدنى من ذلك، ولعل المؤتمر الدولي للامتياز التجاري الذي ستنظمه الغرفة التجارية الصناعية في الرياض قريباً يفتح آفاقاً جديدة للاستثمار في المملكة وفق هذا الاسلوب ويدفع الجهود لإصدار نظام تشريعي لممارسة الأنشطة الاستثمارية في إطار حقوق الامتياز التجاري. @ اكاديمي وباحث في اقتصاديات التنمية الحضرية