يمثل قرار مجلس هيئة السوق المالية الأسبوع الماضي الصادر بفرض غرامات مالية على (8) شركات بسبب تأخرها في نشر نتائجها السنوية المدققة لعام 2007م توجها ايجابيا نحو إلزام إدارات الشركات بالإفصاح عن نتائج أعمالها خلال المدد المحددة لذلك ، إلا أن هذا القرار الذي صدر بفرض غرامة مقدارها (10) آلاف ريال على كل شركة تأخرت في نشر نتائجها السنوية عن المدة المحددة بقواعد التسجيل والإدراج وقدرها (40) يوما من تاريخ انتهاء العام المالي، أثار العديد من التساؤلات من قبل المستثمرين بالسوق حول مقدار تلك الغرامة وفاعليتها في إلزام الشركات بسرعة نشر نتائج أعمالها والجهة التي كان يجب أن تتحمل دفع تلك الغرامة. فقرار مجلس الهيئة يشير بوضوح إلى أن الهيئة أرادت تنبيه شركات السوق الى أهمية التقيد بأنظمة السوق ولوائحه خاصة فيما يتعلق بالإفصاح والشفافية، فقد أظهرت مرونة في التطبيق المبدئي لذلك من خلال تقدير الظروف التي تسببت في تأخر معظم شركات السوق عن إعلان نتائجها خلال تلك المدة، ومنها بنوك وشركات كبرى ولأسباب ربما تعود لمكاتب المحاسبة التي تعاني من كثرة اعمالها خلال هذه الفترة ، فقامت بمنح جميع الشركات مهلة إضافية قدرها (15) يوما استفادت منها معظم الشركات بإعلان نتائجها خلالها عدا الشركات التي تمت معاقبتها بهذا القرار! كما أن هيئة السوق أيضا كانت أكثر مرونة عند تحديدها للغرامة الواجب تطبيقها على تلك الشركات ، فالغرامة طبقا للعقوبات المحددة لذلك تتراوح مابين (10) آلاف و(100) ألف ريال ، إلا أن الهيئة اكتفت بفرض الغرامة في حدها الأدنى وقدرها (10) آلاف ريال ولجميع من تأخر في الإعلان سواء أسبوعا او (4) أشهر! ونفهم من قرار الهيئة ومقدار الغرامة بأنه يمثل لفت نظر لإدارات تلك الشركات أكثر من اعتباره عقابا لها ، على الرغم من أهمية الإسراع بإعلان النتائج المدققة والتي تشهد أحيانا اختلافا عما سبق إعلانه كنتائج أولية! فإحدى الشركات أعلنت في نتائجها الأولية بأنها ربحت (77) مليون ريال عام 2007م ، إلا أنها عادت بعد شهر وأعلنت بان أرباحها بعد التدقيق وتعديل سياساتها المحاسبية أصبحت (113) مليون ريال! إن هذا القرار يفتح المجال للمطالبة بتطبيق مانصت عليه الفقرة (د) من المادة (26) من تلك القواعد والخاصة بإلزام الشركات بالإعلان عن النتائج الأولية لكل فترة مالية (ربع سنوي) خلال (15) يوما من انتهاء الربع ، فالملاحظ هو تأخر معظم الشركات في إعلان نتائجها ، ففي إعلان نتائج الربع الأول 2008م التزمت فقط ( 42) شركة بالإعلان خلال تلك الفترة! ومن هنا فانه نظرا إلى أن أنظمة الشركات المالية متقدمة وتقارير حساباتها آليا، فان هناك من يستفيد من تلك المعلومات قبل إعلانها خاصة إذا تأخر الإعلان لأكثر من (20) يوما كما يحدث حاليا والذي نلاحظ فيه استباق أسعار الأسهم لإعلان النتائج! ومهما يكن فلابد أن هناك مستفيدا من تلك المعلومة غير المعلنة ، ولكن هل فرض الغرامة سيساهم في تجاوب الشركات فتسرع بإعلان نتائجها ؟ أم أن إدارات شركاتنا ستعتبر تلك الغرامة - حتى وان كانت بحدها الأعلى - كأحد مصروفات الشركة! ويصبح الرابح فقط هو من يملك المعلومة ويخفيها عن باقي الملاك! وهنا نطرح التساؤل التالي: لماذا يجبر مالك أسهم الشركة على دفع قيمة مخالفات مسؤولي الشركة ؟ فالملاحظ في هذا القرار او العقوبات التي تفرض على الشركات هي إنها تحمل المساهمين (الملاك) غرامات مالية بسبب مخالفات او أخطاء إداراتها ، وبعيدا عن التنظير الذي قد يقال بان المساهمين هم من ينتخب مجلس الإدارة ويحاسبهم ، فان الواقع بسوقنا وحسب ماكشفته قائمة الأسهم الحرة وتصنيف المتداولين بالسوق والحضور باجتماع الجمعيات هو تفتت ملكية معظم الشركات بين عدد كبير من المساهمين ، وأصبح أعضاء مجالس الإدارات (الأفراد) ليس بالضرورة تملكهم لكميات كبيرة من الأسهم كما كان في السابق ، فالوصول لمجلس الإدارة حاليا يتم باستغلال أصوات المحافظ التي تدار من المكاتب وبالمضاربات تباع تلك الكميات بعد اجتماع الجمعية! وأتذكر هنا بان مدير عام إحدى الشركات بالسوق تفاجأ عند اطلاعه صدفة على سجل ملاك الشركة بأنه أصبح من كبار الملاك للشركة وان أعضاء مجلس الإدارة تخلصوا من أسهمهم!! فقدم المدير العام استقالته فورا! أليس من حق المساهمين بالشركات أن يطالبوا بمن يحمي أموالهم حتى وان كان ذلك من إدارات شركاتهم! إن المساهم حاليا أصبح يدفع ثمن مخالفة التأخر في إعلان النتائج مرتين ، فالتأخر في إعلان النتائج والمحفزات يستفيد منه من يملك المعلومة بالشركة وهم في حقيقة الأمر بعض المسؤولين بشركاتنا أصحاب الرواتب والمكافآت العالية بهدف تحقيق أرباح سريعة بالمضاربات على أسهم الشركة استنادا على معلومة لديهم! فأصبح المساهم هو المتضرر من إخفاء تلك المعلومة ، وبدلا من معاقبة إدارة الشركة على ذلك التضليل والإخفاء تمت معاقبة المساهم بتحميل الشركة بغرامات تخفض من أرباحه او تزيد من خسائره! كما أن المساهمين لا حول لهم ولا قوة في إدارة الشركة بل يمارس عليهم التضليل والتلاعب أحيانا ببعض العبارات في إعلانات شركاتهم! وهو الذي يجب عدم إهماله حماية للملاك ، كما أن الأمر يتطلب من مجلس هيئة السوق المالية إعادة النظر في من يتحمل الغرامة التي تدفع بسبب التأخر في نشر النتائج ، فالمتسبب فيها هو من يجب أن يدفعها سواء مديري الشركات او أعضاء مجالس إداراتها! خاصة وان الأنظمة لم تنص على حمل الشركة لتلك الغرامات، فالعقوبات حددت من مجلس الهيئة ويمكن بعد دراسة هذا الأمر تعديل العقوبات بما يخدم كافة المستثمرين بالسوق!