يوم الأربعاء الماضي احتفل المانجو الجازاني بمهرجانه السنوي وتحديداً في المحافظة أو المدينة الأولى التي شهدت ولادة المانجو السعودي على أرضها، وهي مدينة أبي عريش. المانجو هذه الفاكهة الاستوائية متعددة الأشكال والأذواق والألوان، منتج اقتصادي مهم وذو عائد اقتصادي مجزٍ إذا وجدت شجرته العناية والاهتمام من أصحابها. وعندما وجد الجازانيون أن هذه الثمرة مجدية لهم وذات طلب مرتفع عليها من قبل المستهلك انصرفوا إلى زراعتها وبسط المساحات المناسبة من الأراضي بديلاً عن المنتجات الأخرى وعلى الأخص الحبوب الزراعية التي تحتاج إلى عناية مستديمة في الحرث والبذر والحصاد مقابل عائد مادي متدن. وقبل نحو من "40" عاماً بدأت التجارب الحقلية والمعملية على الفواكه الاستوائية في محطة التجارب الزراعية بمشروع التنمية الزراعية بحاكمة أبي عريش وشيئاً فشيئاً بدأت بوادر النجاح في استزراع ثمار المانجو والجوافة والتين إضافة إلى الباباي والموز وفول الصويا، ومنذ وقت مبكر نادت (الرياض) بتطوير هذه المنتجات ودعمها وقيام شركة تسويق زراعية على ضفاف وادي جازان مهمتها الارتباط مع الشركات الزراعية الكبرى أو المصانع المنتجة لعصائر الفواكه لتأمين متطلباتها من الفواكه والمنتجات الطبيعية بمنطقة جازان ولا زلت أذكر تأييد خبراء التنمية الزراعية للأمم المتحدة بمشروع حاكمة أبي عريش لفكرة ما طرحناه من تخصص مزارع في المشروع أو خارجه لإنتاج فول الصويا.. أو الفول السوداني لصالح الشركات المنتجة لزيوت الأغذية وتقديم عروض فعلية للعديد من هذه الشركات لفترة طويلة الأجل نظراً لنجاح زراعة الحبوب ذات الجدوى الاقتصادية العالية مما أوضحناه أعلاه. وإذا كانت منطقة جازان قد أثبتت بالفعل وعلى أرض الواقع أنها تستحق لقب سلة خبز المملكة بل سلة غذاء وفواكه المملكة على اعتبار أنها منطقة زراعية بالدرجة الأولى وتستطيع أن تنتج على مدار العام مختلف أنواع المحاصيل والخضروات والفواكه، بل إن هناك ميزة إضافية أن منتجاً اقتصادياً هاماً كالتين تعد هذه المنطقة فريدة في توقيت إنتاجها له في فصل الشتاء وبنوعيات ذات جودة عالية أصبحت تتنافس على استيراده بعض الدول الأوروبية واستراليا. فإن هناك مزايا نسبية عالية لجودة المنتج الجازاني في ثروات اقتصادية هامة تتمثل في الثروة السمكية واستزراع الربيان وكذلك الثروة الحيوانية المتمثلة في المواشي من ضأن وماعز.. إضافة إلى الإبل وغير ذلك من مصادر الثروات الطبيعية كالمياه العذبة والغابات وأشجار الأراك والمياه المعدنية والحياة الفطرية.. هذه ناهيك عن اليد العاملة الماهرة والكثافة السكانية وارتفاع القوة الشرائية ووجود أسواق ومنافذ برية وبحرية وجوية للتسويق، وهذه عناصر هامة وفعّالة في عملية المنتج الاقتصادي مروراً بالتسويق ووصولاً إلى يد المستهلك. @@@@ وإذا كانت هذه المزايا العالية في العملية الاقتصادية تتوافر في منطقة واحدة "13" منطقة إدارية على مستوى المملكة، فإن لكل منطقة من هذه المناطق مزاياها النسبية التي تتميز بها غالباً في العملية الاقتصادية.. فإذا كانت الأحساء والقصيم، إضافة إلى الخرج وبيشة مثلاً ذات إنتاجية عالية ومتميزة في التمور، فإن الطائف مثلاً تتميز بإنتاجها الصيفي من فواكه الرمان والعنب، في الوقت ذاته التي تتخصص فيه منطقة كتبوك في إنتاج فواكه المشمش والخوخ والعنب وأصنافاً أخرى مثل الزهور والورود الطبيعية ويقاس على ذلك جودة منتج الزيتون وزيت الزيتون في الشمال وتحديداً في منطقة الجوف مقابل إنتاجية نجران في الحمضيات الطبيعية والتمور.. والمدينة النبوية في إنتاج أنواع فاخرة وثمينة من تمورها، والقائمة تطول وهو مما يؤكد على تنوع خيرات بلادنا ووفرة محاصيلها وفواكهها ومنتجاتها الغذائية.. وهنا سؤال يطرح نفسه، ماذا لو قامت وزارة الزراعة بتقسيم خصائص كل منطقة من المناطق على حدة من ناحية المنتج الاقتصادي ونوعيته وجدواه.. وماذا لو قامت بدعم وتشجيع وتخصيص زراعة كل نوع من هذه الأصناف في المنطقة التي يشتهر فيها واستطاعت تكوين روزنامة خاصة بكل منطقة وما تجود به أرضها من خيرات وقدمت قناعات لوزارة المالية مثلاً وبنوك الإقراض وتمويل كل مشروع زراعي وتقديم له ما يناسبه من الإمكانيات المادية والفنية والبشرية وذلك لأن عملية تخصيص المنتج وفق الظروف المناخية وتوفير السقيا المناسبة والقدرة على الإنتاجية والتسويق هو أمر في غاية الأهمية ونجاح دعم برامجه يساعد في تحقيق عملية التكامل الزراعي والاقتصادي بين المناطق وبالتالي يسهم في خفض تكلفة الإنتاج والتسويق ويتح للمستثمرين الوصول إلى الخريطة الاقتصادية الأكثر جدوى ونجاحاً لمشاريعهم بدلاً من الدخول في مغامرات النجاح والفشل في أرض مدر لا شجر فيها ولا حجر لا تمسك ماءً ولا تنبت زرعاً ولا تدر ضرعاً. وختاماً فإن رعاية أمير التنمية الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان وبحضور وزير الصحة د.حمد المانع وضيوف المنطقة لمهرجان المانجو إنما هو احتفاء بنجاح المنتج المحلي من هذه الفاكهة وغيرها وتفوقها على مثيلاتها الشهيرة من منتجات أمريكية أو إفريقية أو هندية مما يؤكد صلاح هذه الأرض كصلاح أبنائها وهو نعمة من المولى عز وجل تستحق الثناء والحمد والشكر وتؤكد اهتمام القيادة بدعم كل ما من شأنه خير الوطن والمواطن.. لك الحمد اللهم على نعمائك وأفضالك وجودك نعماً لا تعد ولا تحصى .. وما بكم من نعمة فمن الله.