وضع معايير لقياس الأداء الإداري يمثل مرحلة متقدمة في الممارسة الإدارية. إذ يركز المديرون، عادة، على الأداء ذاته، وتأخذهم الممارسة اليومية ومتابعة تفاصيل العمل اليومي، وأحياناً غياب الفهم الإداري السليم للعملية الإدارية، عن إدراك أهمية قياس الأداء، ووضع المعايير القادرة على القيام بمهمة القياس بطريقة صحية. صحيح أن وضع مثل هذه المعايير، بل وتطبيقها، ليس بالأمر الهين، ولكنه أمر مهم، إذا أراد الجهاز، أن يحقق، فعلاً، ما هو مطلوب منه من أهداف ويلبي ما هو متوقع منه من تطلعات من قبل الجمهور المتعاملين معه. في المقابل فان غياب مثل هذه المعايير يعطي المسؤول ، صغر موقعه الوظيفي ام كبر، فرصة للتساهل والتكاسل، بل وأحيانا التلاعب عند أدائه عمله، بل هو يزيح عنه هم المساءلة حينما يخفق في تحقيق ما تطالب به تلك المعايير. فالمعايير الإدارية ليست دلالة على الرغبة في تطوير العمل والدفع به إلى الأمام فقط، ولكنها دلالة على سمو الفكر الإداري، ونضجه داخل الجهاز ، بل ورغبة المسؤول عن ذلك الجهاز في تحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه بطريقة واضحة وشفافة. ولأننا كثيراً ما نوجه اللوم والانتقاد لأجهزتنا الحكومية التي تخفق في القيام بما هو مطلوب منها على الوجه السليم، فإن علينا أن نشير ونشيد بالمبادرات التي تحدث هنا وهناك في بعض أجهزتنا الحكومية. وأمانة منطقة الرياض احد الأجهزة التي تستحق تلك الإشارة والإشادة. فإذا كانت الأمانة سباقة في خلق ما أشرت إليه في مقال سابق (بثقافة الاعتذار) حينما أعلنت اعتذارها أمام الملأ على مابدر من تقصير أثناء عيد الأضحى الماضي، فان الأمانة في طريقها لتضع معايير لقياس أدائها وأداء موظفيها وإداراتها. وقد كانت البداية حينما أعلنت الأمانة أنها بصدد التحضير للعمل على إصدار تراخيص البناء في مدة وجيزة تتمثل في يوم واحد، مما يعني أن هذه الفترة الزمنية التي حددتها الأمانة لإصدار هذه التراخيص سوف تكون هي المرجعية التي يحتكم إليها مراجعو الأمانة وطالبو هذه الخدمة، كما أنها ستكون المعيار الذي يقاس به أداء الموظفين والإدارة المعنية بتقديم هذه الخدمة. إن وضع معايير أداء للأجهزة الحكومية، تكون واضحة للعاملين في تلك الأجهزة، ومعلنة للمتعاملين معها، يعتبر خطوة متقدمة للرقي بكفاءة الأداء داخل أجهزتنا الحكومية، وهي مناشدة ظل الجميع يطالب بها منذ سنوات. إن ماقامت به الأمانة، كما قلت يستحق الإشارة والإشادة، بل والمطالبة أن يمتد الأمر لكافة الخدمات الأخرى التي تقدمها الأمانة، لعل الأمر يتنقل، أيضا، إلى باقي الأجهزة الحكومية الأخرى.