نُقِلَ عن أبقراط (460- 377ق.م) في وصيته للأطباء أن يكون الطبيب "جيد الفهم، حسن الحديث، صحيح الرأي عند المشورة، عفيفاً، شجاعاً، غير محب للفضة، مالكاً لنفسه عند الغضب، ولا يكون تاركاً له في الغاية، ولا يكون بليداً. ينبغي أن يكون مشاركاً للعليل، مشفقاً عليه، حافظاً للأسرار، لأن كثيراً من المرضى يوقفوننا على أمراض بهم لا يحبون أن يقف عليها غيرهم." أ.ه بهذا كأن أبو الطب كما يُعرف قد وضع أسس أخلاقيات مهنة الطبيب قبل ميلاد المسيح عليه السلام واليوم ونحن في الألفية الثالثة زمن المعلومات وثورة الاتصالات وسيادة التخصصات الدقيقة في كل فن ومهنة نجِدء مايندى له الجبين من امتهان للمهنة، فيغلب على البعض الطمع والجشع حتى على حساب أوجاع المرضى ومشاعر الناس، ولأن المساحة لاتسمح بتناول كامل مصفوفة ابقراط سأقف عند جزئيّة قوله "غير مُحب للفضّة" فمن يدلّنا على طبيب يخلص للمهنة بعيداً عن الأطماع المادية؟؟ أعني من حق الأطباء وهم بشر مثلهم مثل غيرهم استيفاء أجورهم والبحث عمّا يؤمن مستقبلهم ومستقبل أولادهم ولكن ليس على حساب أخلاقيات المهنة ، حسناً أعطنا ايها الكاتب أمثله حتى نفهم الحكاية؟؟ قال لي أحدهم إنه قد تعرّض أثناء وجوده خارج المملكة وبالتحديد في إحدى العواصم العربيّة لوعكة صحيّة راجع على إثرها أحد المستشفيات الخاصّة الشهيرة وهناك كشف عليه "استشاري" مُتخصص وحين عرف أن صاحبنا "سعودي" حتى برقت عيناه وعرف أنه أمام جهاز "صرّاف" مكتنز بالنقود فبادر بتخويفه مما يشتكي منه ومن ثم طلب إجراء أصناف الفحوصات مابين تحاليل مخبرية وتصاوير أشعة سينيّة وأخرى مقطعيّة وثالثة فوق صوتيّة ومراجعات لها أوّل وليس لها آخر فداخل الرجل الخوف والوسواس فما كان منه إلاّ مهاتفة طبيب في الوطن شرح له الوضع فطمأنه الطبيب وطلب منه تأجيل الفحوصات حتى وقت عودته، يقول صاحبي عُدت وقابلت الطبيب الذي فحصني سريرياً وأجرى فحصاً بسيطاً للدم وشخّص الحالة ثم صرف الدواء وهو الآن يتمتّع بتمام الصحّة و العافيه..! هل يحدث مثل هذا لدينا؟ بالفم المليان.. نعم يحدث، فهناك شبه اتفاق غير مكتوب مابين (بعض) الأطباء وأصحاب المنشآت الطبيّة بإكثار الفحوص والتحاليل غير الضرورية لزيادة الدخل ورفع نسبة الأرباح..! سؤال أخير ماذا بقي من وصيّة ابقراط؟؟ بعد قراءة فاتحة المقال بتمعّن استرجعوا تجاربكم مع (بعض) التجّار.. آسف أقصد الأطباء لتعرفوا الجواب.