من ِمنَّا لا يعرف الرجل الذي سأتحدث عنه إن كان من سكان جدة أو من خارجها؟ من ِمنَّا لا يعرف عمارة الموصلي والدور الثاني منها بالذات؟ من مِنَّا لا يعرف الطبيب الباطني والمثقف في السنة النبوية والأحداث التاريخية والإسلامية بالإضافة إلى تمكنه في تخصصه ( كطبيب باطني )؟ الكثير ممن يعملون في هذا الحقل الإنساني تغير وأغرته الدنيا وزينتها واتخذ لنفسه عيادة في أفخم العمائر المعروفة في جدة وجهزها بكل الأجهزة الحديثة والمساعدين والمساعدات، والكثير دخل في شراكة مع آخرين وعمل في مستشفى خاص إلا هذا الطبيب الزاهد( إنها القناعة و الزهد في الدنيا) ورغم علمي به من خلال المقربين منه أنه من ذوي الحال الميسور ويستطيع أن يفعل كل ما ذكرت ولكن الذي يحول بينه وبين ذلك هي القناعة (كنز لا يفنى)، هذا الطبيب لم يتغير سلوكه مع مرضاه إنه هو هو كما عرفته منذ ثلاثين عاماً حيث زرته في عيادته بعمارة الموصلي مرافقاً لعمي والد (زوجتي)يرحمه الله وكم رأيت كرم خلقه, وتواضعه, وتقديره لكبار رجالات جدة..لقد سمعت عنه الكثير من خلال أقربائه فهو إن تحدث في الطب الحديث وفي تخصصه فهو العارف بأسراره وتطوراته وإن تحدث عن الطب النبوي فإنك تسمع منه الكثير من الأمور الطبية الحديثة التي يرجعها للطب النبوي وإن تحدث في الأمور الدينية وعلاقتها بالطب فهو أهل لذاك. يسرك أن تستمع إليه وهو يتحدث بأدب جم وثقافة علمية دينية عالية. كيف لا وهو كاتب وأديب له العديد من المقالات في الصحف السعودية والعديد من المشاركات في المؤتمرات والندوات العلمية الطبية المتخصصة، إنه الدكتور (محمد بن علي بن حامد البار) الطبيب الذي لم تغريه الدنيا بزخرفها ، أحب الناس جميعاً فهو من الرجال القلائل الذين يعدون على رؤوس الأصابع والذين لهم تاريخ أسري عريق معروف بحب الأدب والتفقه في الدين ونحن في زماننا هذا ننشد مثل هؤلاء الرجال الذين اخلصوا النية مع خالقهم ثم مع أنفسهم فزرع الله في قلوب الناس محبتهم..إن الرجل سادتي الكرام يعد من الأطباء القلائل الصادقين المخلصين في مهنتهم، لم يتعود أن يرهق مرضاه بما ليس له فائدة.. لا يطلب من مريضه تحليلاً أو فحصاً إشعاعياً لا يستوجبه مرضه وذلك كما ذكر لي أحد أصدقائه هو من بين أسباب عدم رغبته في أن يكون شريكاً في مستشفى خاص لأنه يعلم الكثير عن إفرازات عصر الطب التجاري حيث يطلب فيها الطبيب من مريضه العديد من التحاليل ومن صور الأشعة دون أية ضرورة لذلك ويكتب له من الدواء أغلاه.. إنه بحق طبيب زاهد يدرك أن الطب مهنة إنسانية لها أخلاقيات رفيعة المستوى قبل أن تكون مهنة يرجى منها كسب المال .. فهل يعي أصحاب المستشفيات الخاصة هذا المسلك ويرأفو بحال المرضى وذويهم وعدم إرهاقهم بمثل هذه الأمور إلا في الحالات الطبية الضرورية القصوى التي تستوجب فعلاً إجراء مثل هذه الفحوصات والتحاليل والأشعة وغيرها؟ ولكن للأسف هذا حال الكثير والكثير من مستشفياتنا الخاصة والمستوصفات الكبرى والتي سهلت لها الدولة - رعاها الله - الكثير والكثير من الإجراءات ومهدت لها الطريق..ألا يستحق مواطنو هذه الدولة أن تقف هذه المستشفيات معهم وبأن يكون أطباؤها من المشهود لهم بالخبرة وقبل ذلك بصدق المهنة والتمسك بأخلاقياتها حتى لا نسمع كل يوم بأن خطأ طبياً حدث وأدى إلى تدهور حالة مرضية أو موتها، إننا بحاجة إلى أطباء زهاد أمثال هذا الرجل.