هل يمكن استخدام الرائحة لتمييز الإنسان؟! الحقيقة أن لكل إنسان رائحة تميزه، وربما تتميز الأجناس البشرية ليس فقط بألوانها وخصائصها الجسمية الأخرى، بل وحتى بروائحها!! ولكل إنسان رائحة تتكون نتيجة لإفرازات معينة من خلال غدد تنتشر على سطح الجلد وتسمى بالغدد العرقية، نسبة إلى العرق، وهي على نوعين الغدد العرقية العادية والغدد العرقية المنبثقة. ويتراوح عدد النوع العادي من هذه الغدد ما بين 3- 5ملايين غدة تنتشر على جميع سطح الجلد في الإنسان.. وتقوم بوظيفة مهمة وهي تنظيم درجة حرارة الجسم، فعند ارتفاع درجة الحرارة تتفتح المسام الموجودة في الجلد، ويخرج العرق الذي يتبخر ويساهم في خفض درجة الحرارة وشعور الإنسان باعتدال الجو، أما النوع الآخر من الغدد العرقية، وهو المتحور أو المنبثق فيوجد على سطح الجلد ولكن في أماكن معينة مثل الأماكن تحت الإبط وحول الصرة وفي الأعضاء التناسلية وهي متصلة بفتحات الشعر، حيث تفتح إلى الخارج عن طريقها. وتبدأ هذه الغدد في الإفراز قبل سن البلوغ مباشرة وعند سن البلوغ، ونتيجة لذلك يختلط هذا الإفراز بالميكروبات وعندما تتحلل نتيجة لتفاعلها مع هذه الميكروبات تخرج منها رائحة مميزة للجلد. والغدد العرقية المتحورة هي المسؤولة عن رائحة الإنسان توجد أيضاً بكثرة في الحيوانات مثل الكلاب والقطط، وتنتشر في جميع أنحاء جلد أو فروة الحيوان وليس في مناطق محددة مثل الإنسان. وتقوم هذه الغدد عند الحيوان بوظيفة بيولوجية مهمة وهي اهتداء الحيوان إلى الأنثى عن طريق الرائحة التي تفرز من هذه الغدد، وكذلك اهتداء كل مجموعة من الحيوانات إلى البعض الآخر. ونلاحظ أن قوة الشم تزداد عند بعض الحيوانات مثل الكلاب التي يمكنها تتبع الآثار واكتشاف آثار الجريمة بشكل مذهل. ويستطيع الإنسان أن يشم رائحة عطرية بتركيز يصل إلى حوالي 5* 10- 11من المليجرام في كل سنتيمتر مكعب من الهواء، أي أن الرائحة يمكن أن تؤثر في الإنسان إذا بلغت حوالي خمسة أجزاء من 100مليون من الجرام في السنتيمتر المكعب، وقد جاء في قناة ديسكفري العلمية (Discovery) أن حاسة الشم عند الكلاب أقوى من حاسة الشم عند الإنسان بحوالي مئة مرة وعن الذئاب بحوالي ثلاثمائة مرة أما عند سمك السلمون فهي أقوى بحوالي ( 30ألف مرة). ومن الصعب حالياً أن نميز إنساناً معيناً برائحته بسهولة (ولكن الأمر يختلف بالنسبة للمكفوفين الذين يمكنهم تمييز الإنسان بصعوبة وبلمس يديه عند السلام وأحياناً بشم رائحته). وفي قصة يوسف عليه السلام يقول الله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام: (إني لأجد ريح يوسف). ويعقوب عليه السلام كان مكفوف البصر حزناً وهماً على يوسف وعلى فقده. وربما لشدة حبه ليوسف وتعلقه به، ومن كثرة تفكيره وأمله في عودته ساهم ذلك في حدوث المعجزة الإلهية وهي أن يشم ريح ابنه عن بُعد مسيرة 8ليال.. وهذه معجزة من معجزات القرآن الكريم، لأن إشارة الآية الكريمة جاء بأسلوب التوكيد (إني لأجد ريح يوسف). وقد جاءت كل الأدلة لتؤيد المعجزة القرآنية التي ساقها الله العلي القدير في قوله: (اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيراً وأتوني بأهلكم أجمعين ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيراً قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون) سورة يوسف الآيات ( 93- 96).