أصغر عروسين في العالم يحتفلان بزواجهما في جازان، طفل بعمر 11سنة يوزع رقاع الدعوة للزواج من ابنة عمه ذات ال 10سنوات في حائل، قاضٍ يحكم على أصغر زوجة سعودية بالنشوز أو دفع 100ألف ريال للحصول على الطلاق وكما جاء في تفاصيل الخبر أن الأب قد زوج البنت قبل ثلاثة عشر عاما عندما كانت تبلغ من العمر عشر سنوات والزوج 67عاما هذه حقائق طالعتنا بها بعض صحفنا المحلية خلال الفترة الماضية وغيرها الكثير مما تعج بها المحاكم أو تئن داخل البيوت "الرياض" بدورها قامت بتسليط الضوء أكثر على هذه القضية الحساسة والهامة ومعرفة مدى استيعاب هؤلاء الأطفال لما هم مقدمون عليه ودور الوالدين في ذلك ومعرفة تأثير إتمام هذه الزيجات وكيفية معالجتها وتأثيرها على اتفاقية حقوق الطفل التي وقعت عليها المملكة من خلال عدد من المختصين في القانون والطفولة والطب ، ففي البداية أكد المستشار القانوني وعضو هيئة حقوق الإنسان هادي اليامي أن ظاهرة زواج القصَّر تبرز في المناطق الريفية لعدم وعي الوالدين خاصة الأب وعدم وجود أي رقابة في هذه المناطق ويضيف بأن صغر سن هؤلاء الأطفال يجعلهم لا يستوعبون ما هم مقدمون عليه ولا رأي لهم في هذا الموضوع وتقع المسئولية في ذلك على الوالدين إما لعدم وعيهما بمخالفة ذلك للشرع والعلم وما سترتب على ذلك من مشاكل وآثار اجتماعية سلبية، أو رغبتهما في الحصول على عائدٍ مادي من تزويج ابنتهما لمن يقدم لهما مالاً ربما هم في حاجةٍ إليه ويضيف د.عبدالرحمن بن عبدالله الصبيحي خبير الطفولة باللجنة الوطنية للطفولة أنه من المؤسف والمخجل في الوقت الذي يتقدم المعالم نحو الرقي والتحضر نجد أن هناك من ينحدر نحو التخلف، فبقدر سعي الحكومة على دفع عجلت التنمية إلى الأمام وخصوصاً تنمية المواطن، إلا أن هناك من يظهر لنا بأفعال أقل ما يقال عنها أنها مشينة، ومعيقة لتنمية الإنسان وظاهرة زواج القصر، تعد قضية ذات بعد اجتماعي وصحي ونفسي واقتصادي، وتداخل تلك الأبعاد يزيد من صعوبة التعامل مع المشكلة وخصوصاً إنها تمس فئة ضعيفة لم تصل إلى مرحلة اتخاذ القرار ويشير إلى أننا ننظر بعين الازدراء لحال بعض الدول العربية وما تعانيه من انتشار زواج الأطفال، ونصف ذلك بالتخلف والرجعية، وفي المقابل نجد من بيننا من يمارس هذا الفعل المشين، الذي تشمئز منه النفوس. وعن استيعاب الأطفال لذلك أكد أنهم لا يستوعبون ذلك، بحكم أن المحتوى الثقافي والعلمي الذي وصلوا إليه في هذا العمر غير كاف لاستيعاب ذلك الزواج، لكنهم يرضخون لذلك بقوة السلطة التي تفرض عليهم، وفي أحيان كثيرة يكون الإجبار هو المحرك الرئيسي لموافقتهم الظاهرية لكن دواخلهم لا تقبل بهذا الأمر. والمسؤولية كاملة تقع على الوالدين في حدوث مثل هذا الزواج، فهم الذين يعطون الموافقة عليه ويباركونه بهدف المتاجرة في أحيان، أو للمفاخرة في أحيان أخرى، لذا فإن كل ما يترتب على هذا الزواج من سلبيات فإنه يلزم معاقبة الأب في المقام الأول إذا كانت هناك عقوبات ستقرر لاحقاً على من يزوج ابنته أو ابنه قبل سن الثامنة عشرة. الآثار المترتبة على هذه الزواجات ورأت الدكتورة منيرة العكاس مديرة الإدارة المدرسية والمشرفة العامة بمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بمنطقة مكة أن زواج القصر جريمة لا تغتفر وهتك لبراءة الطفولة وإساءة للمجتمع لما له من الآثار النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية على المجتمع والدولة لأنه سيسبب عقداً نفسية للمتزوجين في هذا السن لعدم معرفتهم على ما هم مقدمون عليه وبحجم العلاقة التي تربط بينهما وحتى الإنجاب في هذه السن منتج مجتمعي غير معافى هذا إذا لم تحدث الوفاة للأم أثناء الوضع نتيجة لاعتبارات فسيولوجية والدارجة تحت قائمة العنف الأسري كما اعتقد بامتداد هذه الآثار جيلاً بعد آخر. أما من الناحية الاقتصادية فستكون هذه النواة تحمل سلوكاً اتكالياً . ولن تشعر بالاستقلالية المالية. مما يسهم في ظهور سلوك اللامسؤولية تجاه المجتمع والأسرة مما يفقدها هويتها المجتمعية. وأضاف الأستاذ هادي اليامي أن لهذه الزواجات آثاراً سلبية على المجتمع لأنها تضاف إلى سجل الزيجات الفاشلة، فالفشل هو النتيجة الحتمية لها لعدم الكفاءة وفارق السن وعدم استيعاب القاصر وفهمها وتقديرها لمسئولية الزواج ومتطلباته ومقوماته بالإضافة إلى عدم قدرتها على رعاية أطفالها في حالة الإنجاب وما تتعرض له في سبيل ذلك لمخاطر لصغر سنها . ويضيف الدكتور الصبيحي أن الآثار المترتبة على زواج الأطفال مدمرة للطفل ولروحه وتتمثل تلك الآثار في نواحٍ صحية ونفسية واجتماعية، وما يهمني بحكم تخصصي هي تلك الآثار النفسية ( السلبية ) التي يتركها ذلك الزواج على الطفل. فاقدام البنت ( مثلاً ) على الزواج قبل سن الثامنة عشرة يجعلها تشعر بالقلق، لعدم استيعابها لفكرة الزواج، ثم يزداد هذا القلق حين يحين موعد الجماع الأول، ثم تأتي مسؤوليات البيت لتكمل مسلسل الأزمات النفسية، مما يجعلها حبيسة لأفكار سلبية حول واقعها وهذا هو مفتاح الدخول في مرحلة الاكتئاب حتى تبدأ عملية الحمل والإنجاب وتربية الأبناء وهذا ما يحقق وصول تلك الطفلة إلى مراحل من الاكتئاب المتقدم؟ كل هذا قد يحصل وأكثر من ذلك لو استمر ذلك الزواج، إلا أنه في أغلب حالاته ينتهي بالطلاق خلال عامه الأول. ويشير د. الصبيحي إلى أن التأثير النفسي المصاحب لزواج الأطفال يتمثل في عدم حصولهم على الحب والعطف والحنان الكافي من والديهم، والذي هم في حاجة له حتى تجاوزهم لفترة المراهقة، لذا فإنهم يدخلون الحياة الزوجية بذلك النقص مما يجعلهم في خوف وعدم شعور بالأمن، وبالتالي فإن تصرفاتهم سيتخللها عنف في المعاملة أو الاستسلام والخضوع، ففي الحالة الأولى فإن هذا مدعاة لنشوء المشكلات بين الزوجين والحالة الثانية، ستجعل الزوج ينتهز حالة الخضوع ليمارس عنفه على زوجته وبالتالي يتولد من ذلك اضطرابات في شخصية الزوجة للعنف الذي يمارس عليها. وتؤكد د. منيرة العكاس أن هذه الحالات تعد خرقا للاتفاقية الموقعة من المملكة العربية السعودية في حقوق الطفل. وبحكم موقع المملكة بين الدول العربية والإسلامية والدولية يعتبر تشويها لصورتها التي يبذل خادم الحرمين الشريفين والمسئولون جل جهدهم لإظهار صورة تليق بمكانتها الروحية والقيادية في العالم. ويضيف الأستاذ اليامي أن المملكة وقَّعت على اتفاقية حقوق الطفل عام 1996م التي تشير إلى أن الطفل يعني الكائن البشري دون سن الثامنة عشرة عدا القانون المطبق على الطفل فإن سن البلوغ يكون أقل من هذا العمر . ويشير د. الصبيحي إلى أنه ورد في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل عدة مواد تصب في مجملها على حفظ حقوق الأطفال ومراعاة مصالحهم الفضلى، فقد ورد في المادة (24) فقرة رقم (3) النص التالي "تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الفعالة والملائمة بغية إلغاء الممارسات التقليدية التي تضر بصحة الأطفال". ولعل المتأمل لهذا البند يجد أنه يشمل الزواج المبكر، والذي يترتب عليه أضرار صحية وجسمية. وبالتالي فإن حصول زواج الأطفال في المجتمع يجعل المملكة في حرج أمام المنظمات الدولية، حيث ينظر إلى القضية وكأنما هي بمباركة مجتمعية لهذا الزواج. ويضيف أن تقرير تنمية المرأة العربية يشير إلى وجود آثار سلبية صحية ونفسية واجتماعية لزواج الفتاة في سن مبكرة، حيث يترافق الزواج المبكر مع الانقطاع عن الدراسة في أغلب الأحيان. كما يؤكد التقرير إلى أن عدد الولادات المتوقعة للمرأة يرتفع كلما كان عمر الفتاة أصغر عند زواجها، مما يترتب عليه حصول مضاعفات في الولادة تتسبب في الوفاة. ولقد بين التقرير أن متوسط العمر في المجتمع السعودي عند الزواج عند النساء 23سنة وعند الرجال 27سنة، وهذا هو الممول الطبيعي المقبول في هذا الوقت، وهذا يدل على أن تزويج الأطفال أمر شاذ عن القاعدة التي يسير عليها المجتمع بالنسبة لعمر الزواج. ويشير د. الصبيحي إلى أن أصعب الأسئلة التي تلقيناها من وفد منظمة حقوق الإنسان الدولية حول الأطفال في المملكة، وبقدر ما حاولنا أن نوضح لهم أن ما يحصل هو حالات قليلة، وأن من يقوم بتزويج أطفاله هم من غير المتعلمين، إلا أن ملاحظتهم عدم وجود نظام حول ذلك وبالتالي فإن حصول مثل هذه الزواجات، وعمل عقود بها من قبل مأذوني الأنكحة يوقع المملكة في موقف محرج مع المنظمات الدولية، خصوصاً وإنها موقعة على اتفاقيات تمنع مثل تلك الزوجات. كيفية معالجتها وعن كيفية معالجة هذه القضية أكد الأستاذ هادي أن ذلك يكون بسن نظامٍ صريح يمنع زواج القاصر ويقرِّر عقوبةً صارمة لمن يخالف ذلك سواء الوالد أو الزوج أو المأذون أو أي شخص له علاقة بذلك ويكون على من يعلم بأي مخالفة في هذا الشأن إبلاغ جهة معيَّنة تختص بهذا الأمر، وتكون التوعية عن طريق جميع وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمساجد والمدارس . وتضيف الدكتورة منيرة أن الحد من هذه الحالات عن طريق نشر الوعي المجتمعي وبيان مخاطر هذه الزيجات على جميع المنابر المتاحة بالندوات والمحاضرات واللقاءات والإعلام المقروء والمسموع والمرئي، وكذلك تعريف المرأة بحقوقها الشرعية والاجتماعية والثقافية والإنسانية والقانونية والاقتصادية وحقوق المرأة ضمن الأسرة. ورأى الدكتور الصبيحي أن مثل هذه المشكلة تحتاج إلى قوانين تجرمها، وهذه القوانين تتضمن عقوبات مغلظة، لردع من تسول له نفسه الإقدام على تزويج أطفاله قبل إكمال سن الطفولة، والإعلان عن تلك القوانين والعقوبات في كل مكان وخصوصاً في المناطق النائية.كما طالب د.الصبيحي وزارة العدل بالتنبيه على مأذوني الأنكحه بعدم إجراء أي عقود زواج يكون أحد طرفيه طفلاً لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، ومن يتجاوز ذلك من مأذوني الأنكحة فإن الوزارة توقف ترخيصه، بل من جانب آخر فلا بد أن يدرس موضوع زواج الأطفال في الرئاسة العامة للإفتاء، وتصدر به فتوى بعدم جواز مثل هذه الزيجات. أما الطريقة السليمة للتوعية فإن من يزوج أطفاله في الغالب يكون من ذوي التعليم المنخفض أو من أولائك الأِشخاص الذين لا يجيدون القراءة والكتابة، لذا فإن من المهم أن تكون التوعية من خلال الإعلام الصوتي، ولعل أمام المسجد وخطباء الجمعة لهم دور هام في هذا الجانب من خلال تكثيف الحديث عن هذه الظاهرة والمشكلات المترتبة عليها، وكذلك فإن مؤسسات المجتمع المدني، مطالبة بعقد محاضرات حول خطر تزويج الأطفال. ولعله يكون هناك دور لأمراء المناطق والمحافظين ورؤساء المراكز، بحيث يكون تدخلهم مباشراً في منع أي زواج للأطفال قبل حدوثه، إما بالإقناع والحسنى أو بقوة النظام.