من يسير في الأحياء السكنية اليوم يصدم بالجفاف التي تعانيه تلك الأحياء وأقصد بالجفاف هنا عدم وجود روح اجتماعية للحي وعدم توفر البيئة التخطيطية التي تساعد على نمو تلك الروح. وعناصر نمو تلك البيئة كثيرة لذلك سأركز في مقالي هذا على الجانب التخطيطي الهندسي للأحياء فكثيراً ما نسمع ونقرأ أطروحات وأفكار من خبراء ومخططين لتطوير وتحسين مفهوم التخطيط الحضري للأحياء السكنية، وهناك مدارس متفرقة وأنا لست متخصصاً في التخطيط الحضري ولا أريد ان أصارع المخططين مهنتهم فقد رأينا مؤخراً التوجه الجديد الذي بدأت تمارسه أمانة مدينة الرياض وهو زيادة عرض أرصفة بعض الشوارع وتحديد مسارات الطرق بشكل ساعد على توفير بيئة مناسبة سواء لتخفيف السرعات على تلك الطرق أو توفير مساحات للمشاة أو رفع مستوى الاستثمار على جوانب تلك الطرق، ولكن ما يدعو للاستغراب ان هذا المفهوم يتم تطويره على شوارع رئيسية عليها حركة كثيفة في الوقت الذي تحرم منه الأحياء الداخلية السكنية، حيث يتراوح عرض الطرق في معظم الأحياء الجديدة من 12إلى 20متراً، كما تقل فيها حركة السيارات نظراً لطبيعة الخدمة التي تقدمها تلك الطرق، كما أنه من المفترض إيجاد حلول جذرية لمشكلة السرعة والتفحيط داخل تلك الأحياء وأعتقد ان تطبيق فكرة توسعة الأرصفة وتحديد مسار واحد لكل اتجاه سيساعد على تقديم ميزات كثيرة للأحياء السكنية مثل زيادة الرقعة الخضراء داخل الأحياء، إمكانية ترك مسافة من متر إلى مترين في الأطراف للمشاة، وهذا سيساعد على نمو النواحي الاجتماعية داخل الأحياء من خلال تشجيع ممارسة رياضة المشي أو ركوب الدراجات داخل الأحياء، تقليص التكاليف التي تصرف على أعمال السفلتة لكامل عرض الطرق دون الاستفادة منها والأهم من ذلك فإن تقليص الشارع سيقلل بشكل كبير من سرعة السيارات داخل الأحياء وسيقضي على إمكانية التفحيط لأن أحد أهم مشجع للسرعة والتفحيط اتساع تلك الشوارع. إنني أطرح هذا الاقتراح أمام أمانة مدينة الرياض وعلى رأسها أحد خبراء التخطيط في المملكة والذي تبنى هذه الفكرة في الشوارع الرئيسية واطمع ان لا تحرم الأحياء من دراسة إمكانية تطبيق هذه الفكرة ويمكن ان تجرب لفترة على حي واحد وتقيم تلك التجربة من خلال استطلاع آراء سكان الحي ومن ثم ينظر في تعميمه كما أرى ان يكون التطبيق في حي جديد لازالت المساكن فيه تحت الإنشاء وان تقدم البلدية مواصفات وعرض الأرصفة للسكان ليأخذوها في الاعتبار عند تنفيذ الأرصفة بحيث تكون الأرصفة ومكوناتها محددة تشتمل على ممرات للمشاة ومسطحات خضراء ومواقف للسيارات أمام المنازل وإمكانية إضافة عنصر الإنارة، وتكاليف تلك الأعمال لن تكون مكلفة لأصحاب المنازل مقارنة بتكاليف مبانيهم إضافة إلي منحهم فرصة الاستفادة من جزء من الشارع بشكل مجاني. فهل يمنحنا الدكتور العياف حياً دافئاً.