ظروف معينة، دفعت المواطنين منذ عقود إلى التزام نمط موحد في بناء المنازل. فقد كانت اشتراطات البلديات شبه التفصيلية تحكم كيفية تصميم المواطنين لمنازلهم، كما أن اشتراطات صندوق التنمية العقاري الذي كان يمنح قروضه على دفعات من أجل البناء، أدت دورا في ذلك، إذ كان البنك يمتنع عن إكمال دفع المبالغ لو خالف المواطن تفصيلا صغيرا من تفاصيل البناء الملزم بها. ولكن في الوقت الحاضر، أصبح المعتمدون على صندوق التنمية العقاري، قلة، كما أن الأمانات والبلديات توجهت إلى أعمالها الرئيسية التي يفترض أن تقوم بها، ولم يعد جوهر عمل مراقبيها التأكد من بناء سور في المنازل الجديدة بعلو أربعة أمتار، أو دهن الواجهة بلون أبيض أو بني! فهذه التدقيقات التي لم توضع من أجل هدف مصلحي، بدأت بالتلاشي، ما أتاح للمواطنين مجالا أوسع من الحرية عند بناء منازلهم. وهذه التحولات التي تجري لم تكن غائبة عن المستثمرين ورجال الأعمال الأجانب وخصوصا المتعاملين في مجال الإنشاءات الهندسية والبناء، ففيما تدور أفكار رجال الأعمال المحليين على كيفية استغلال المستهلكين وتلقي أموالهم وإن كان عبر المساهمات الوهمية اللصوصية. فكر مهندس بريطاني بأوضاع المجتمع المحلي من كل الجوانب، فأسعار الأراضي جعلت من امتلاك قطعة منها حلما بعيد المنال، وإن حصل المواطن على أرض فإن تكلفة البناء تساوي راتب الموظف العادي لمدة 27 سنة متتالية (على افتراض راتب قدره ثلاثة آلاف ريال وتكلفة بناء قدرها مليون ريال)، وفضلا عن كل ذلك فإن ما يبنيه المواطن قد لا يحقق متطلباته، ولا متطلبات أسرته. فعلى الرغم من التكلفة الباهظة يجد المواطن نفسه مضطرا بعد سنوات قلائل إلى القيام بعملية ترميم شاملة، وبما أن تكلفة البناء كبيرة فإن تكلفة الهدم وإعادة البناء أكثر تكلفة، وعلى هذا الأساس باتت مسألة المنزل هما يؤرق الكثيرين. ولكن، ليس من المكتوب لهذه الطريقة التقليدية في البناء أن تدوم طويلا، أو هذا ما يفترض أن يحدث، بعد أن توصلت شركة بريطانية يديرها مهندس معماري إلى وسيلة يمكن من خلالها تحويل نمط البناء التقليدي إلى نمط حديث يعتمد على مواد خام رخيصة الثمن، ومتينة وقادرة على تحمل بناء المنزل، كما أن هذه الطريقة الحديثة تسهّل عمليات الترميم والتعديلات، إضافة إلى كل ذلك، وهذا الأهم فهي لا تكلف سوى جزء بسيط من المال مقارنة بالمنازل التقليدية. فمع اعتبار معدل التكلفة للمنزل التقليدي (شاملا الأرض والبناء) يصل إلى نحو مليون ونصف المليون، فإن المنازل الجديدة المبنية من الخشب والمؤسسة على قواعد فولاذية، لا تكلف أكثر من 170 ألف ريال. وعن رؤية المواطنين لمثل هذه المنازل، يقول خالد الكربي إن هذا النمط من المنازل أبدى فعالية كبرى، من خلال استخدامه عبر مشاريع إسكان موظفي أرامكو بعض مشاريع الإسكان العسكرية، وأضاف: “مرونة التصميم وانخفاض تكلفته ستجعلان منه النموذج المثالي للمنازل المحلية في القرن الجديد”. ويشير سعد الهويشل إلى أن “العملية” التي يتمتع بها التصميم حيث يمكن تعديله وتغيير تكوينه بسهولة وبساطة، هي الميزة الأفضل، مؤكدا سعيه للحصول على منزل من هذا النوع. ولكن يعارضهما راشد الغامدي الذي قال إن المنازل التقليدية صلبة جدا مقارنة بهذه المنازل الجديدة، مشيرا إلى الفارق بين البناء بالخرسانة المسلحة والبناء بالخشب والفولاذ. ولكن رفيقه علي الغامدي قال إن الحاجة للمنزل السكني معدودة بالسنوات، ولا أحد يحتاج إلى بناء منزل يدوم طويلا، ويضيف: “الخرسانة المسلحة قد تبقى لألف سنة.. ولكن من يحتاج إليها؟”. ومن جانب آخر قال طارق البكر إن هذا النمط من المنازل هو المعتمد في معظم دول العالم، وهو يسهم كثيرا في تخفيف التكلفة على المالك، كما يسهم في ترتيب المدن وإعطائها مظهرا جماليا منفتحا بدلا عن المظهر الكئيب لمكعبات الأسمنت ذات اللون الواحد.