مضت خمسة أعوام منذ اندلاع الحرب بإقليم دارفور السوداني، ولم يجنِ أهلها خلال هذه السنوات الصعبة، سوى الجوع والتشرد، وخروج العديد من مناطق الزرعة والرعي خارج دائرة الانتاج بسبب الصراع بين الحكومة في الخرطوم والحركات المسلحة، علاوة على الصراعات القبلية بين المجموعات السكانية بدارفور، فضلا عن الظروف الطبيعية التي ساهمت بصورة أوسع في انحسار الأمطار في معظم أنحاء المعمورة ولاسيما جنوبها الذي انخفضت فيه الامطار مما أوردها ضمن المناطق التي تهددها شبه المجاعة حسب التقديرات والتقارير التي رصدت هذه الاوضاع. في غضون ذلك، وصل سعر جوال الذرة (الدخن) 120جنيه سودانيا - حوالي 60دولارا امريكيا - والقمح 110جنيه والفتريتة 80جنيها، في مدينة نيالا عاصمة الاقليم، وساهم الشح في كميات الوارد وضعف الانتاج وعدم وجود مخزون استراتيجي بالاسواق، في تغيير وجه السوق الذي اصبح يعتمد اعتمادا اساسيا في الكميات القليلة الواردة من الذرة من معسكرات النزوح. وفي هذا الجانب يقول عضو بالغرفة التجارية بسوق المحصول بنيالا، ان اسعار المحاصيل مرتفعة جداً، وأن تيرمومتر الاسعار يسير بصورة عشوائية، تسببت في حالة من الهلع والخوف وسط المواطنين مما ينذر بكارثة انسانية كبرى قد تحدث بدارفور، وأشار إلى ان سعر جوال الدخن الآن بلغ 120جنيها مقارنة بالعام الماضي( 75- 80جنيها) والقمح في العام الماضي ب 60جنيها وحاليا 110جنيهات، وعزا ذلك إلى انقطاع الخريف في وقت مبكر إلى جانب نزوح مناطق الانتاج وخاصة مناطق الجزء الغربي والعمود الاخضر لجنوب دارفور. ونوه عضو غرفة التجارة إلى ان كل الوارد من القمح قادم من معسكرات اللجوء والنزوح من تشاد، وتابع (سعر جوال القمح منذ عمليات الشحن وحتى وصوله إلى نيالا يكلف 98جنيها ويباع ب 110جنيه عكس القمح الوارد من الجزيرة او الشمالية بتكاليف باهظة مبينا أن سعر التركيز 120جنيهاً لهذا المواطنون لا يستطيعون شراءه. وفي السياق نفسه اوضح تجار السوق أن مدينة نيالا اصبحت تعتمد اعتمادا اساسيا على المحصول الوارد من منطقة بغرب دارفور، وهو وضع يعتبر مؤشرا خطيرا، ويشير إلى ان ولاية جنوب دارفور كانت في السابق هي التي تغذي مناطق الاقليم الاخرى وليست هي التي تتغذى على حساب الآخرين. ولم ينج من ارتفاع الاسعار والفجوة الغذائية المرتقبة بجنوب دارفور، حتى النازحين بالمعسكرات، فقد ذكر أحد نازحي معسكرات (كاس) ل ( الرياض) انهم يعيشون مأساة حقيقية قد تكون شبيهة بالمجاعة وحكومة المحليات لا تريد اعلانها، مشيرا إلى انهم لأكثر من ثمانية اشهر لم يصرفوا مواد غذائية فضلاً عن ان هنالك حوالي 500أسرة لم يتحصلوا على بطاقات صرف منذ وصولهم إلى المعسكر وامضوا عاماً كاملاً دون بطاقات صرف، مستنكرا رفض المنظمات بوقف صرف المواد الغذائية للنازحين إلى جانب عدم ضغط المفوضية على هذه المنظمات، ودعا الحكومة بسرعة التدخل والعمل الجاد لضخ المخزون الاستراتيجي حتى لا تحدث مجاعة كبرى بالمعسكرات. ويقول المسؤولون في حكومة ولاية جنوب دارفور ان كل التقارير والتقديرات التي اجريت اكدت ان هنالك فجوة غذائية مرتقبة وليست فجوة حقيقية ترتقي لمستوى المجاعة في بعض المناطق بالولاية نتيجة للظروف الطبيعية التي ادت إلى انحسار الامطار في وقت مبكر إلى جانب انحسار زراعة الرقعة الجغرافية نسبة للاضطرابات التي تحدث بين الحين والآخر ، فضلا عن وجود الآفات الزراعية. ونفى نائب الوالي حدوث ما يشبه المجاعة، معتبرا الامر برمته فجوة غذائية وهي امر مقدور عليه لأن كل التقديرات وحركة السيارات بين المحليات ورئاسة الولاية تؤكد بأن المحليات بخير وتحتفظ بمخزونها المحلي، وكشف عن تكوين لجنة برئاسة وزيري المالية والاقتصاد والتخطيط العمراني بالولاية غادرا إلى الخرطوم واجتمعا إلى ادارة المخزون الاستراتيجي وبعض المنظمات، وحصلت حكومة الولاية على 150الف طن من الذرة والآن محملة وفي طريقها إلى الولاية مشيرا إلى ان هنالك اكثر من 33ألف طن تكفي حاجة الولاية لحين وصول ال 150طناً. ولاحظت (الرياض) أن ترتيبات حكومة الولاية تسعى حثيثا لمحاصرة الوضع الذي يمكن أن يوصف بأنه خطير، وفي الخصوص فإن العاملين بالولاية من الشرائح التي وجدت اهتماما حتى لا تتأثر بعواقب الفجوة الغذائية. ويقول المفوض العام للشئون الانسانية حسبو ابراهيم ل(الرياض)، ان تقدير اللجنة الولائية المكلفة بإجراء المسح الخاص بالفجوة خاطئ وغير دقيق حيث يصف الوضع الانساني بالفجوة الغذائية مشيرا إلى ان تحديد الفجوة لا يتم الا بعد اجراء ثلاثة مسوحات رئيسية وعن طريق خبراء ومختصين، منوها إلى ان هنالك مشكلة في بعض المناطق ولكنها لم ترتقِ إلى مستوى الفجوة الغذائية.