الحياة رحلة تتخللها محطات نقابل فيها الكثيرين. قد نتفق أو نختلف معهم.. وتلك من الأمور التي يسرها ويقدرها الله سبحانه..ولكن تبقى محطات في حياتنا هي الأجمل والأسمى دائما تسكن ذاكرتنا وتسكب الجمال داخلنا.. احدى محطاتي الجميلة هي مع الإعلامية والأستاذة وفاء بكر يونس.. التي حلقت بكل أطياف البراءة والإنسانية في قلوبنا وأسماعنا وأنظارنا من خلال الشاشة الصغيرة. عندما أطلت قبل سنوات كان يتدفق من خلال الشاشة حنانها ودفئها وعطفها وكلماتها البريئة البسيطة للأطفال.. أحبوها بعفويتها وتعاملها الراقي معهم.. فالبراءة عندما تحلق من الداخل تسكن القلوب والعقول.. أحبوها صغارا وعندما كبروا كبر حبهم لها.. فتوسد حبها قلب الجميع بكلماتها وبسمتها الحلوة.. (وفاء يونس أو ماما وفاء) أيهم شئت نادها ستجدها الأم والأخت والصديقة القريبة وقبل كل ذلك الإنسانة الصادقة.. على الشاشة الفضية لم تكن أبعد من كونها معلمة في رياض الأطفال حيث تنسى الكاميرا لتنطلق وتحلق معهم بفرح طفولي جميل لذا كانت بصمتها الأكثر تأثيرا في برامج الأطفال حتى هذا اليوم وفي حلقات تدريسها في رياض الأطفال كان يقاطعها بعض الأطفال ليقولوا لها (نحن نحبك كثيرا يا معلمة) والأطفال لا يكذبون ولا يجاملون أنهم ينقلون مشاعرهم الصادقة.. وهذا لسان حال كل من حولها من أصدقائها. عندما انتقلت من دائرة الحلقة الأكثر براءة في رياض الأطفال لتعمل في الإدارة العامة للتربية الخاصة كانت مرحلة جديدة لزمالتي وصداقتي لها أينعت أخوة حانية سرعان ما أثمرت خيراً. جمعنا الإعلام ثم العمل. وقبلها جمعنا الصدق فيما نؤمن به من وجهات نظر.. أحداث كثيرة تمر في محيطي الأسري فأخبرها بها اليوم الثاني لأجدها قد حدثت لها أيضاً بالأمس.. عندما ارتدي ألوان معينة أقابلها فأجدها ترتدي نفس الألوان.. فتضحك على الكيمياء النفسية التي تربطنا.. تغيب وأغيب ثم نلتقي مصادقة في مكان ما وفكر ما وطرفة ما.. ودائما لقاؤنا جميل.. اليوم بعد 5سنوات من التآلف اليومي في العمل تودعنا بعد أن أعلنت صافرة قطار التقاعد أن تلتحق به. صباح أول يوم بعد إخلاء طرفها من العمل.. على حين لحظة سمعت صوتها.. وتخيلتها تدخل مكتبي تبث شجونها وأبادلها الحديث.. لم أستيقظ من لحظتي تلك إلا على أثر دمعة دمعة ذرفتها اشتياقا لها في المكان والزمان والبراءة.. فدعوت الله أن يوفقها أينما كانت. لقد أعطت الكثير دون أن تنتظر المقابل.. تعلمنا منك يا وفاء كيف تكون البراءة.. وكيف نحلق في الحياة بألوانها المبهجة.. دون تكلف وأن لا نترك للمشكلات والعقبات باباًس يسقطنا في دوامة لا مخرج منها فالحياة أجمل بكثير. وفاء بكر يونس الأخت والصديقة،، شكراً.. لأنك أسهمت بدور فعال في مجال إعلام التربية الخاصة فأسمعت أصوات الفئات الخاصة ورفعت معاناة بعضهم لكل مسؤول.. شكرا لعطفك اللامحدود.. الكلمات أقل من تحتفي أو تصف كم كنت تعيدي لنا براءة صادقة نحتاجها دائما في كل مكان.. علمتنا أن التقاعد في العمل ليس إلا بداية لحياة أكثر انتصارا وإنتاجا وحضورا في مجالات جديدة كانت متطلبات العمل تشغلنا عنها. وأن مشاريع الإنسانية الرامية لخدمة الإنسان لا تقبل التأجيل ولا التقاعد.. كل ما نتمناه حياة طريقها مفترش بالتوفيق والنجاح وحب الآخرين.