مطالبة الدولة الإسرائيلية بأن تكون دولة للشعب اليهودي يقرر مصيره بنفسه حق معروف في القانون الدولي. وما يثير العجب أن أولئك الذين يشككون دائماً بحق الشعب اليهودي في ذلك هم أنفسهم الذين ينادون بالتنفيذ الفوري لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم السياسي. أضف الى ذلك المطالبة المستمرة بالاعتراف بحق العودة وتحقيقه، في الوقت الذي يدرك فيه كل من يفهم الوضع في المنطقة بأن الاستجابة لمطلب كهذا يعني زوال دولة إسرائيل اليهودية. إن مبررات قيام الدولة اليهودية منذ العام 1917لم تضعف بل ازدادت قوة. ويجب على المجتمع الدولي أن يستمر بالتمسك بالتزاماته النابعة من مبادئه كإعلان حقوق الإنسان، والمواثيق الدولية المختلفة. وإيقاف السماح لبعض الأيدي بالتلاعب بشرعية حق الشعب اليهودي في دولة خاصة به. إن حق تقرير المصير هو مبدأ معترف به دولياً ولم يخترعه اليهود. الحركة الصهيونية التي أدت الى قيام الدولة، سارت على خطى الحركات القومية في أوروبا وأماكن أخرى حول العالم وقال مؤسسوها "إننا نريد وجوداً كاملاً" لا يمكن إزالته، ولا يتطلب التستر والاختفاء ويسمح لليهود بأن يعيشوا حياة عادية سواء داخل البلاد أو خارجها. كما أدى التهديد الذي تتعرض له اليهودية الى فهم الحركة بأنه إذا أراد اليهود وجوداً كاملاً يتوجب عليهم أن يكونوا الأغلبية في الإقليم الذي يعيشون فيه وهذا شرط أساسي لوجود قومي. لقد نجح المشروع الصهيوني بنجاح الحركة الصهيونية في تحقيق نظرياتها في إسرائيل. كما أن المشكلة التي يواجهها المجتمع الدولي منذ الثلاثينيات ليست هل يسمح بقيام دولة يهودية، بل هو في حيرة كيف يتعامل مع حقيقة وجود تجمع يهودي نشيط وموجود، يتحدث العبرية، مبدع وعصري يعيش في إسرائيل. كل لجان التقسيم أدركت حقيقة أن العرب غير مستعدين للقبول بالوجود اليهودي وعليه لا يمكن الحفاظ على حقوق اليهود كحق تقرير المصير والأمن الجسدي والثقافي بدون منحهم دولة. إن إسرائيل دولة قوية متطورة وكبيرة، ومع ذلك فإن التحدي الوجودي الجسدي والثقافي الذي تواجهه لم ينته بل على العكس ازداد قوة. صحيح أن القرار الذي يقول بأن الصهيونية هي شكل من أشكال العنصرية قد اُلغي، لكن الأصوات التي تريد مساواة الصهيونية بالعنصرية لا زالت موجودة. ومن أسباب صعوبة مواجهة التهديد الوجودي هو الخلاف الداخلي سواء كان في إسرائيل أو داخل الشعب اليهودي. بعض المنتقدين تكون انتقاداتهم شديدة للطابع الأخلاقي لدولتهم لكن لا يعرفون أو لا تهمهم الطريقة التي تُستغل فيها انتقاداتهم لإنكار حق دولة إسرائيل في الوجود. من المهم وضع خط يفصل بين انتقاد دولة إسرائيل الشرعية تماماً وبين إنكار شرعية وجودها. @ (مركز اوميديا الإعلامي)