أوضح المهندس سعيد القحطاني مدير المشروع الوطني لتنمية وتطوير الحرف والصناعات اليدوية (بارع) بالهيئة العامة للسياحة والآثار بأن الطفرة النفطية على الرغم من إيجابياتها إلا أن تأثيرها كان سلبياً على مجتمع الحرفيين بالمملكة "فهجر معظمهم مزاولة الحرف إلا في المناسبات الوطنية كمهرجان الجنادرية". لافتاً إلى أن مشروع (بارع) المعني بتنمية الحرف هو مشروع اقتصادي بالدرجة الأولى إضافة إلى أهميته الثقافية والاجتماعية. وأشار إلى أنه أصبح من المسلّم به على المستوى العالمي ارتباط قطاع الحرف والصناعات اليدوية بقطاع السياحة "ذلك أن السائح، كيفما كان نوع السياحة التي يمارسها- وسواء كانت إقامته طويلة أو محدودة قلما يغادر المكان الذي يزوره دون أن يحمل معه تذكاراً". وعد القحطاني مواسم الحج والعمرة مثالاً على ذلك "فالحاج أو الزائر أو المعتمر يحرص خلال تواجده في المملكة على شراء منتجات حرفية لتوزيعها هدايا في بلده". تلاشي نظام الحرفة ويرى أن المملكة طوال الثلاثين سنة الماضية شهدت تحولات اقتصادية أدت إلى "تلاشي نظام الحرفة كما أنها أجبرت الحرفيين إلى الانخراط في العمل كموظفين لدى المؤسسات الحكومية والخاصة، ولم يبق حاليا إلا القليل من الممارسين للحرف". واعتبر القحطاني في غياب بعض الحرف اليدوية تهديداً ل "الهوية الثقافية"، وإهداراً لجزء كبير من فرص العمل. وأوضح مدير (بارع) بأن الهيئة بالمشاركة مع تسع جهات هي وزارة المالية، وزارة التجارة والصناعة، وزارة الاقتصاد والتخطيط، وزارة العمل وزارة الشؤون الاجتماعية، والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، والهيئة العامة للإستثمار، ومجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية، انتهت بتكليف من مجلس إدارة الهيئة العليا للسياحة من إعداد الإستراتيجية الوطنية لتنمية الحرف والصناعات التقليدية في المملكة بمشاركة فريق عمل من الخبراء الدوليين في مجال الاقتصاد والإحصاء والاجتماع والصناعات التقليدية إضافة إلى خبراء من بعض الجامعات السعودية. وقد قام الفريق بالإطلاع على أهم الوثائق المتاحة حول النشاط الحرفي في العديد من الدول، والتواصل مع خبراء منظمة اليونسكو واستطلاع الخبرة العالمية ميدانياً بزيارة تركيا والمغرب وتونس "واعتمد إعداد الاستراتيجية على مجموعة من المبادئ الأساسية أهمها ضرورة الاستفادة من الخامات المحلية المتوفرة بصورة عامة في مختلف مناطق المملكة في إيجاد مشاريع اقتصادية اجتماعية تساهم في تنويع مصادر الدخل المحلي وإيجاد فرص عمل لفئات المجتمع من الرجال والسيدات والنشء في مختلف المناطق الحضرية والريفية والبادية بالمملكة". وحسب القحطاني تضم الحرف والصناعات التقليدية التي تستهدفها الاستراتيجية حوالي 45مجموعة من الحرف والصناعات التقليدية يتفرع منها قائمة طويلة من المنتجات اليدوية حيث تشمل صناعة السبح والأحجار الكريمة، المنتجات الفخارية، الخوصيات، الجلديات، الفضيات، الأسلحة التقليدية، المنتجات الحديدية لأغراض الزراعة والنحاسيات والفضيات، وغزل النسيج اليدوي، وصناعة البشوت، والقياطين بأنواعها والأزياء الشعبية، وصناعة الشباك والأقفاص والمزهريات والدلال والأحذية التقليدية، القطران والحلويات الشعبية، والكراسي الشعبية، والصناعات المرتبطة بمواد البناء التقليدية. (بارع) مشروع اقتصادي وذكر بأن مجلس إدارة الهيئة وافق برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية ورئيس مجلس إدارة الهيئة، على محضر اجتماع اللجنة التوجيهية، ورفع المشروع الوطني لتنمية الحرف والصناعات اليدوية (بارع) للمقام السامي الكريم. وقال بأن اللجنة أكدت في توصياتها على أن مشروع الحرف مشروع اقتصادي بالدرجة الأولى إضافة إلى أهميته الثقافية والاجتماعية. كما وافقت على اقتراح الاستراتيجية بضرورة إيجاد مشروع وطني لتنمية الحرف والصناعات اليدوية يتولى إدارة قطاع الحرف وتنميته وتطويره تحت مسمى (بارع). وطالبت أيضاً بدعم الدولة لمشروع الحرف مالياً في مرحلته الأولى، وأن يكون للمشروع لجنة إشرافية من الجهات ذات العلاقة، وضم أعضاء آخرين للجنة يمثلون وزارتي الشؤون البلدية والقروية والثقافة والإعلام، واثنين من القطاع الخاص ممن لديهم مبادرات استثماريه في الحرف اليدوية، واثنين من الجمعيات الخيرية المهتمة بالحرف. إقراض الحرفيين واقترحت اللجنة كذلك التنسيق مع بنك التسليف السعودي لإيجاد برنامج لإقراض العاملين في الحرف اليدوية بضوابط مناسبة، وأن يتم تطوير الحرف اليدوية بما يتوافق مع خطط التنمية الخمسية، "ويسعى المشروع أن يكون نموذجاً مميزاً لمعالجة الفقر، ومحققاً للتنمية الإقليمية المتوازنة، والإسهام في إخراج المجتمع من دائرة الاستهلاك إلى الإنتاج". ودعا القحطاني للاستثمار في الحرف والصناعات التقليدية "يوجد في المملكة العربية السعودية عدد من الشركات والمؤسسات التي تستثمر في قطاع الحرف والصناعات اليدوية، ولكن بأسلوب يؤدي إلى إخراج المنتج من دائرة الحرف والصناعات اليدوية إلى الإنتاج الصناعي البحت، ومن أمثلة ذلك دلة القهوة والمجمرة، والشماغ السعودي بكافة ماركاته". وحول الاستثمار الأجنبي في قطاع الحرف والصناعات اليدوية بالمملكة قال "هذا النوع من الاستثمار مهم، وينبغي أن يتم وفق شروط معينة ودقيقة، تلزم المستثمر باحترام المصالح المحلية والعادات والتقاليد المتوارثة في هذه الحرف، وقد ساعد نظام الاستثمار الجديد على دخول مستثمرين أجانب لهذا القطاع، مثل المصنع الذي افتتح لإنتاج أقمشة بيوت الشعر برأس مال مشترك، نظراً لوجود طلب كبير على هذا المنتج في السوق السعودي. وعبر القحطاني عن خشيته من توسع الاستثمار الأجنبي في قطاع الحرف في ظل عدم وجود جهاز معني بالحرف يضع ضوابط لهذا الاستثمار. 21ألف حرفي إلى ذلك قدرت الاستراتيجية الوطنية لتنمية الحرف والصناعات التقليدية في المملكة إجمالي الحرفيين في المملكة ب 20671فرداً منهم 45% سعوديون يمثلون 9248فرداً، و55% غير سعوديين يمثلون 11423فرداً. ويمثل الذكور الحرفيون 13021فرداً ما نسبته 63% من إجمالي الحرفيين في حين تمثل الحرفيات 37% وعددهن 7542حرفية. وبينت إحصائية وردت في الاستراتيجية أن 76% من الحرفيين يتوزعون بين ست مناطق هي مكةالمكرمة، والرياض، والمدينة المنورة، والمنطقة الشرقية، وعسير، وتبوك، والجوف، وذلك بنسب 16%، 14%، 14%، 12%، 8%، 6%، 6% على التوالي. وأفادت بأن 30% من حرفيي المملكة يعملون في خمس حرف رئيسة هي: التطريز اليدوي، والسدو، والأعشاب العطرية، والحلوى الشعبية، والمنتجات الخوصية.