تسبب هبوط صرف الدولار في تآكل أرباح دول الأوبك بنسبة قدرت بحوالي 25% رغم صعود أسعار النفط إلى مستويات قياسية تقترب من 118دولاراً للبرميل لكون النفط يسعر بالدولار الذي أصابه الوهن منذ سنتين وطفق يتهاوى ويتسبب في ارتفاع أسعار السلع العالمية الأخرى ما أثقل كاهل المستهلك النهائي. وعلى الرغم من أن صافي إيرادات صادرات النفط للدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) قدرت "حسب تقديرات وكالة الطاقة الأمريكية" بنحو 980مليار دولار في العام الحالي بسبب الأسعار القياسية الحالية للنفط، أي بزيادة قدرها 45% عن العام الماضي، إلا أن هذه الأرباح ستكون أكبر لو أن سعر صرف الدولار في وضع جيد يعادل ما كان عليه قبل أربعة أعوام، فهذه الانحدار للعملة الأمريكية أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج في الدول البترولية أدى إلى تآكل الأرباح وعمل على عرقلة بعض المشاريع النفطية التي أعيد النظر في الميزانيات المرصودة لها. كما أن هذا التراجع في العملة الأمريكية الذي صاحبه تصاعد في أسعار السلع والمعدات وكذلك أجور العمالة اضعف من حماسة شركات النفط لتوسيع استثماراتها في المناطق الواعدة بالثروات النفطية مع أن ارتفاع أسعار إلى هذه المستويات القياسية جعل كثيرا من المكامن النفطية تصبح مربحة، غير أن الشركات النفطية تتخوف من إنفاق مبالغ طائلة على استثمارات ربما تخسرها في حالة تراجع النفط إلى معدلات متدنية في ظل الوفرة الكبيرة للنفط من الدول المنتجة والتي تمتلك حقول ذات جدوى اقتصادية عالية، من الصعب منافستها في حالة هبوط أسعار النفط. ارتفاع أسعار النفط شجع على التوسع في إنتاج الوقود الحيوي وهو ما يشكل تهديدا حقيقيا لمصادر الغذاء العالمي وينذر بكارثة غذائية قد تحل بالعالم إذا ما استمرت الدول الصناعية في استهداف المحاصيل الزراعية لإنتاج الوقود وعدم التركيز على تطوير الصناعة النفطية من خلال إنشاء المصافي واستثمار ثروات الوقود الاحفوري. من جهة ثانية استمرت أسعار النفط في الأسواق البترولية في بداية تعاملاتها الأسبوعية أمس بالتنامي متجهة نحو 120دولاراً للبرميل وهو سعر لا يفصله عن المستويات الحالية سوى أقل من دولارين يمكن أن يحققها النفط في يوم واحد في حالة حدوث أي إعاقة للإمدادات النفطية لأي سبب من الأسباب. فقد صعد سعر ناميكس القياسي إلى سعر جديد بلغ 117.23دولاراً للبرميل في مستهل التعاملات بالأسواق الآسيوية كما ارتفع خام برنت بالأسواق الأوروبية إلى 114دولاراً للبرميل، ومع أن هناك محللين نفطيين كانوا يتوقعون أن تهبط الأسعار في بداية الأسبوع الحالي حسب توقعات موقع "بلومبريج" إلا أن هذه التوقعات لم تكن في محلها وتعزز المسار الصاعد للنفط بعد ارتفاع النتائج المالية للشركات الأمريكية التي جاءت أفضل من التوقعات وكذلك الأسهم الأمريكية التي ارتفعت مسجلة أحسن أداء لها منذ شهر فبراير الماضي ما اعتبره المتعاملون مؤشرا لقوة الاقتصاد الأمريكي ما أنعش توقعات ارتفاع الطلب على النفط وساهم في زيادة الأسعار. وارتفعت أسعار معظم المعادن النفيسة حيث صعد الذهب بمقدار 13دولاراً إلى 930دولاراً للأوقية كما زاد سعر الفضة بمقدار 50سنتا إلى 18دولاراً للأوقية.