بعد غياب عشرين سنة.. عاد الدوري لحلته السابقة العادلة.. وعاد الهلال لعشقه القديم.. فما الحب إلا للحبيب الأول.. عاد سيف البطولات الأزرق.. لخطف الابتسامات من أنداده.. وزرعها على شفاه محبيه.. كان بإمكان جن الملاعب أن يحسموا البطولة قبل أن تصل لعنق الزجاجة.. بيد أنهم وهم عشاق التحدي فضلوا المرور بالطريقة الأكثر إثارة وإمتاعاً باعتبار أن "الكايد أحلى".. وذلك بافتراس خصمهم الألد.. بعد مطاردة ماراثونية ترك الأزرق خلالها خيط السنارة مرخياً ليأكل الاتحاديون الطعم، ثم يتم شده في النهائي بطريقة حاذقة خاطفة.. وكان الصيد "حوت بطولة الدوري" كان الاتحاديون يركضون بضراوة.. يقفزون بمهارة.. يوسعون الفارق وتعلوهم الابتسامة.. كان الهلال يضحك في سره ويقول: "الوعد قدام" فخيولنا الأصيلة تعودت أن تصل من تالي.. والعبرة بمن يضحك أخيراً.. لأنه عندها سيضحك ملء شدقيه كثيراً.. طارد الهلال العميد طيلة الدوري.. تركه يتمتع بالصدارة فقط حتى يوم الحسم.. وكان من حسن حظ الكتيبة الزرقاء أن الفرق الأخرى لم تساعده في إقصاء المتصدر المؤقت.. وكأن القدر أراد أن يقطع الأعذار والادعاءات.. وهكذا تحقق للفريق الأزرق مناه.. بأن يأخذ البطولة بذراعه.. لا هدية ولا منة لأحد فيها.. بطولة قراح.. من فك النمر.. إيماناً من جن الملاعب بنظرية أن من لا يأكل بيده لا يشبع.. وأن السبع الأزرق قادر على أن يعشيه مخلابه.. الهلال.. جاء إلى أرض خصمه.. الذي حشد كافة أسلحته ونجومه..جاء بفرصة واحدة وعزيمة لا تلين.. فيما نزل خصمه الميدان بفرصتين وحظين كبيرين.. الخصم ليس خصماً عادياً بل هو فريق مطرز بالصناديد.. مسربل بالحديد يكفيه أن يسمى العميد.. كان عشق الهلال العبور للبطولات من فوق أعناق الأبطال واقتناصها بعد عسيرالنزال.. وتحقيق الصعب والمحال.. والتمثل بالهلالي القديم (أبا الطيب) حين قال: تمر بك الأبطال كلمى هزيمة ووجهك وضاح وثغرك باسم المباراة كانت مباراة تكتيك ومن أدهى من كوزمين فيه؟! لذا فاجأ خصمه بإبعاد أسماء شهيرة وخطيرة كالشلهوب والكلثم والدوسري، وأنزل ليلو الذي لم يلعب مباريات عدة.. ورغم أنه بحاجة إلى الفوز إلا أنه أراح لاعبيه طيلة الشوط الأول وترك الملعب لخصمه يسرح ويمرح فيه دون خطورة، فأنهك قواه واختزن قوته.. لعب بهدوء قاتل وسجل الهدف الخاتل.. إن كان ثمة مسمى يطلق على خطة كوزمن وتكتيكه فهي خطة "الصدمة والترويع" بعد "الهدوء والتمييع" في بداية الشوط الثاني أنزل الساحر الفريدي الذي أرسل كرة خبيثة ماكرة على رأس القناص الذي حلق كبازي من شاهق وأودع صعقة كهربائية هائلة بقوة " 1000فولت" شلت النتيف الذي تنتف معها إلى ذرات وشل جماهير الاتحاد ومدربه إلى أن أيقظته الآهات ، آهات الهلالين على روعةالهدف.. وآهات الاتحاديين من ألمه.. عاد بعدها كوزمن لهدوء تكتيكه وتكتيك هدوئه حتى أعلن حكم اللقاء أن الباقي من الزمن على الهلاليين لإكمال عقد البطولة الخمسين هو ثلاث بطولات فقط..