لديّ شعور بأن عنوان المقال قابل لأن يكون مطلع أغنية في زمن الطرب على أنغام "وأركب الحنطور" أو اسماً لفيلم في زمن أفلام قصصها وأحداثها المنسوخة أو المغشوشة من أفلام الثمانينيات في هوليوود بهدف الوصول للعالمية! وقبل أن أتوه بعيدا عن الفكرة سأتوقف وأبدأ سطرا جديدا. لعلك تعرف هذه الشخصية جيدا؛ ربما مرت عليك مرور الكرام في حياتك أو تتمثل في قريب أو صديق لك، أو لعلك تتشارك معها في بعض سماتها وأنت لا تدري. فالشخص النكدي هو شخص درامي، له سمات مسرحية تنطلق من المبالغة، فهو يلجأ لتضخيم المشاعر ذات الأثر السلبي عليه وعلى الآخرين. وأيضا رؤيته ونظرته وتحليله للأمور لا علاقة لها بالمنطق فهو ببساطة يبحث عن ما يثير أعصابه أو ما يجعله غاضبا أو حزينا وإن لم يجد سببا لذلك فإنه يخترع الأسباب، يلوي أحداث يومه حتى تصبح على المستوى "النكدي" - إن صحت التسمية - الذي يناسبه. فمثلا إذا عطس أو سعل فإن أول ما يخطر على باله هو أنه مصاب بسرطان رئوي أو حالة مرضية نادرة لم يرد ذكرها بعد في الكتب و الدوريات الطبية. إذا لم يرد صديقه على الهاتف فإن أول ما يخطر بباله هو أن مكروهاً حدث لهذا الصديق أو أن هذا الصديق يتجنبه. طبعا غاوي النكد من هذه النوعية قد يعاني من القلق الذي يزيد حالة البحث عن الهموم والالتصاق بها سوءاً. هناك أيضا شخصيات نكدية لا تستطيع أن تعيش حياتها بدون أن يكون لها أعداء،فهذا يكره وهذه تغار والآخر حقود والأخرى لا تريد لهم الخير. وجودهم محدد بوجود عدو واضح المعالم، يوجهون له كل طاقتهم السالبة. مثلا عدم حصولهم على ترقية في العمل سببها الدائم والوحيد أن فلاناً يريد أن يحرمهم من هذه الفرصة، عدم نجاحهم في دراستهم سببها الوحيد هو نظام التعليم والمدرسون وزحام الشوارع وحر الصيف وانقطاع البث الفضائي وتذبذب سرعة الإنترنت! و في النهاية إذا لم يكن هناك عدو في الأفق القريب فإنهم قادرون على اختلاق عدو يعمل ضدهم ولديه أجندة للتنكيد عليهم وإحالة حياتهم إلى جحيم. "غاوي النكد" أو "الباحث عن النكد" يعيش حالة ذهنية متذبذبة تشوش حياته وحياة كل من حوله. السؤال؛ هل تبحث عن النكد أم تسعى قدر المستطاع كي تبتعد عنه؟