أتابع بكثير شغف برنامج المخترع الأمريكي على إحدى الفضائيات، وهو برنامج يقدم مليون دولار ودعماً تقنياً وفنياً كاملاً لصاحب أفضل اختراع أمريكي، ويأتي له المخترعون من كافة أنحاء أمريكا ومن كل الأعمار ليقدموا أفكارهم وعصارة تجاربهم ويصبوا أحلامهم ورؤاهم بين يدي لجنة تحكيم حيادية للغاية صارمة جدا لا توافق على الاختراع تبعا لحالة المخترع أو جنسيته أو ظروفه الخاصة وإنما وفقا لحاجة السوق لهذا الاختراع ومقدار ما يقدم من حل لمشكلة ما ومقدار ما هو متوقع له من انتشار تجاري في حالة إنتاجه وتسويقه.. وبقدر ما تبهرني بعض الأفكار ولا تشدني أفكار أخرى بقدر ما أفكر ألسنا نحن أيضا كعرب بحاجة لمثل هذا البرنامج يمول عربيا وتقف وراءه جهة رسمية مثل جامعة الدول العربية ويمول من كبار رجال الأعمال العرب ويدعى إليه كل مخترع عربي على أمل الخروج بمخترع العرب كما هي الحال مع البرنامج الأمريكي؟ شاهدنا كثيرا التقليد الأعمى لبرامج غربية وتبنيها مهما كانت مخالفة لطبيعتنا ولعرفنا وتقاليدنا على غرار ستار أكاديمي، وشاهدنا أيضا تقليدا مشوها لبرامج حوارية عالمية مثل برنامج أوبرا، وشاهدنا تجربة مقلدة ناجحة عن برنامج الخاسر الأكبر، وأعرف أن فكرة المخترع العربي سبق أن طبقها احد التلفزيونات العربية لكنه لم يستمر فيها ولم يوسع نطاقها، أنا أفكر في شكل اكبر وأعمق وأكثر أهمية، أفكر في شيء يقدم قيمة مضافة في مخترعين شباب يحملون أفكارا جريئة وحلولا عبقرية تمس بيئاتهم مباشرة وتساهم بشكل فاعل في رسم صورة مستقبل أفضل لبلدانهم ولهم وللتجارة العربية بوجه عام.. ألا تشاهدون ما تقدمه قنوات الإعلانات من ابتكارات بسيطة للغاية لكنها صنعت تجارة رائجة نحن العرب أول مستهلكيها.. هل عقمت عقولنا عن ابتكار مثل هذه الأفكار وأفضل؟ إننا بحاجة إلى جهد مشترك بين القسم العلمي، والإعلامي بجامعة الدول العربية ينتجون من خلاله مثل هذا البرنامج ويمنحون - بواقع ثقل الجامعة وتمويل الدول العربية - للاختراعات العربية بعدها التنفيذي والتسويقي والتجاري.. ربما استطاع برنامج مثل هذا - إن أحسنت إدارته - أن يعيد صياغة الوضع العربي العام في عيون الذين استمرؤوا الاستهزاء بكل ما هو عربي وكل ما هو إسلامي واعتادوا الاستهانة بنا لأننا لا نملك - في نظرهم - مقومات الندية..