أنت كتبت في "مسار" سابق عن معاناة زوجة جراء إدمان زوجها استخدام شبكة الانترنت ولكنك لم تذكر شيئا عن الزوجات المدمنات. حسنا لا بأس يا صديقي (الزوج) دعني إذاً أروِ لك قصة زوجة مدمنة وكيف صار بيتها بارداً كئيباً بعد أن لعب إدمان الانترنت بروحها ثم كيف عصفت آثار الانغماس الالكتروني بهدوء بيتها وحياتها وصغارها. تقول الرواية أن الزوجة الانترنتية ارتبطت بزوجها قبل خمس سنوات وهي في سنتها الجامعية الثانية وبعد ستة اشهر من الزواج اشتكت إلى زوجها هموم الدراسة والآم الحمل وأخبرته بأنها قررت ترك الجامعة إلى الأبد، حاول الزوج ثنيها عن قرارها دون جدوى فنفذّت ما أرادت. وضعت مولودها الأول (وسلمته) من فورها ليدي وحضن "العاملة" المنزلية في حين (استسلمت) الزوجة لبرنامج شبه يومي عماده الفراغ والنوم حتى ينتصف النهار ومن ثم تستيقظ رافعة الصوت على "العاملة" الناحلة لتجهيز قهوتها ووجبة الغداء للزوج المشغول دائما. في المساءات غالبا ما تقضي صاحبتنا وقتها في الأسواق مختتمة رحلة العودة الليلية إلى المنزل وهي تحمل كومة المجلات (إياها) التي تتنافس أغلفتها على نشر آخر صرعات "جواد" المغناج أو "هيفاء" اللعوب، فان غابا وهما لا يغيبان كثيرا حضرت صورة دمية بلهاء اسمها"حليمة" أو بقايا معالم أنثى اسمها "زينب" المستهلكة. عاتب الزوج زوجته واختصما أكثر من مرة حول كلام الجيران عن طريقة لبسها ومبالغتها في التزين وهي تخرج إلى الأسواق إضافة إلى إهمالها المنزل وابنهما الصغير ولكن دون جدوى. لم تحاول الزوجة محاسبة سلوكها إلا حين رأت يوما من زوجها مؤشرات خروجها الأبدي من بيته وحياته فاضطرت للاتصال بصاحبتها القديمة باحثة عن حلول شاكية حالها ورتابة برنامجها فأشارت صاحبتها عليها بتجربة شبكة الانترنت وستجد فيها كل التسلية والمتعة. فرح الزوج حين طلبت منه زوجته تدريبها على استخدام الانترنت وبعد اشهر أصبحت الانترنت الرفيقة والصديقة الأثيرة لدى الزوجة. جاء المولود الثاني والانترنت في غرفة النوم والشبكة اللاسلكية تغطي أرجاء المنزل وصاحبتنا لا يكاد يفارقها جهازها الوردي الخاص فقد أصبحت الانترنت كل شيء في حياتها. ألمح الزوج أكثر من مرة إلى خطورة قضاء كل هذا الوقت مع الانترنت ولكن تطميناتها له بأن الانترنت "مفيدة" وأحسن من الفراغ والتسكع في الأسواق جعلته يخفف من نقده وان كان لم يتوقف. كانت قمّة المأساة فجر احد أيام إجازة أسبوعيّة حين استيقظ الزوج من نومه فجأة على صوت زوجته وقهقهتها العالية الصادرة من غرفة سفرة الطعام فتسلل مرعوبا ليجد زوجته تضع نقابها في مواجهة كاميرا الجهاز المحمول وبرنامج المحادثة الفوريّة مفتوح أمامها وهو يهتز بالرسائل والورود الالكترونيّة التي لا تكاد تتوقف.لم تفلح كل محاولات الزوجة في إقناع زوجها أنها كانت تشارك في منافسة شعريّة نسائيّة وان أحدا لا يعرف اسمها الحقيقي وأنها تتعامل انترنتيا باسم "الرومانسيّة" وكان مجرد سماعها تردد اسمها المستعار كمراهقة صغيرة كافيا لينفجر الزوج كالبركان الذي لم يهدأ حتى حضر السائق لينفذ تعليماته بإيصال "ماما" لبيت أهلها. (هي) اليوم بقايا زوجة محطمة (وهو) تمثال كبرياء مجروح وبينهما طفلان بريئان. هي ترى أنها لم تذنب، وهو يرى أنه يستحق ما حصل إذ غلّب الرحمة على العقل فلم "يسرحها" بإحسان حين انتهكت طهر مؤسسة الزواج أول مرّة، الزوج المجروح يسأل: زوجتي كانت تخدعني: ولكنها اليوم بحاجتكم أكثر مني فساعدوها؟ مسارات قال ومضى: لا تجعل من (انحناء) (قامات الرجال) المرغمين (سلّما) لطموحك، فسيأتي يوم يقفون فيه (منتصبين) لتذوق نادما ألم (السقوط).