النجم علي الهويريني أحد نجوم زمن الفن الجميل الذي كانت فيه الدراما التلفزيونية أكثر ملامسة للواقع وقرباً من الناس عندما تناولت همومهم ومشاكلهم بدقة وتشخيص أقرب إلى الواقع من التمثيل، وهو أول ممثل سعودي يحصل على شهادة في الإخراج السينمائي من هوليوود ولكن طاقات هذا المبدع لم تستغل جيداً فمنذ سنوات وهو يغيب عن الشاشة بشكل يقود إلى كثير من الأسئلة والذكريات التي حاولنا الغوص في تفاصيلها في هذا الحوار: @ البداية التقليدية لأي حوار هي الحديث عن البدايات.. دعنا ننطلق من هنا، من البدايات؟ - البداية كانت من المعهد الفني الصناعي ووفقنا بمدرس سوداني اسمه أحمد الماجد وهو مدرس في قسم الدراما وقد أسس المسرح في المعهد وقد شجعنا وعلمنا كيف نمثل ونخرج وعندما تخرجنا كان لدينا الروح المعنوية العالية لندخل مجال التمثيل، وقد تخرجت من المعهد مهندساً إذاعياً وعملت في وزارة الثقافة والإعلام كما عملت متعاوناً مع نادي الهلال، وفي النادي أقيم حفل فني وأحببت أن أشارك فيه كممثل وكان عمري آنذاك عشرين سنة وكان المخرج سعد الفريح - رحمه الله - هو من تولى إخراج الحفل وكان لدى الفنان حمد المزيني نص قديم وقدمناه في المعهد الصناعي فقال لي ما رأيك في العمل معنا فقلت من الصعب ترك الإذاعة فقال سنتدبر شخصاً يعمل في الإذاعة مكانك، ولما حضر قدمنا أمامه بروفة اقتنع واقر المسرحية وكنا فرقتين الأولى فيها أنا وعلي المدفع ومحمد المنصور وكانت تلك بدايتنا جميعاً وهذا عام 1976والفرقة الثانية مكونة من عبدالله السدحان ومعه آخرون أتوا من المركز الصيفي. بعد هذا العرض تفاجأت ببطاقة دعوة من المخرج سعد الفريح يعرض علي دور بطولة في التلفزيون ووجدت في الكواليس عبدالله السدحان وسلمت عليه وكان لقائي الأول به ولم أكن أعرفه فسألته فقال لي أن المخرج أعطاه كذلك دعوة لدور بطولة وفي اليوم التالي ذهبت إلى التلفزيون لمقابلة سعد الفريح وفي أول عمل كان اسمه "شقة العزاب" تحت مسمى أيام لا تنسى من تأليف إبراهيم الناصر، وكان محمد العلي وسعد خضر وعبدالله السدحان موجودين في التلفزيون للقيام ببطولة أعمال جديدة حينذاك، وأذكر في هذا الشأن أن محمد العلي - يرحمه الله - كان سعيداً بأن عبدالعزيز الحماد ومحمد الطويان كانوا خارج المملكة لأنها كانت فرصتنا وقدكانوا "مكوشين" على المسلسلات!. @ من هم نجوم فترة البدايات؟ - في تلك الفترة لم يكن هناك نجوم سوى أبو مسامح وسعد خضر، وعندما عاد الحماد من أمريكا أعطاه المخرج سعد الفريح دوراً شرفياً في المسلسل وكان يقنع الحماد بأن كمال الشناوي كان يفتح الباب وهو نجم، المسلسل الأول لنا خرجت منه بسلام رغم ارتفاع صوت المخرج سعد الفريح أما عبدالله السدحان فخرج من المسلسل برعب من التمثيل والفن حتى انه غاب وابتعد عن التمثيل وقد كره التلفزيون في تلك الفترة. @ على صعيد المسرح ماذا قدمت أيضاً؟ - في عام 1976قدمنا مسرحية "آخر المشوار" في جمعية الثقافة والفنون وكتبها عبدالرحمن الشاعر وقدمتها الجمعية كبوادر إنتاج أول مسرح جماهيري بعد طبيب بالمشعاب وقد عرضناها للعائلات بالدمام وكان فيها مطرب فواز وحمد المزيني وإخراج محمد الشمري وفي البروفات قدمت دوراً وبعدها جاء المخرج وقال لي يا علي نعتذر منك لقد قدمنا الدور لأبي مسامح لأنه سيشارك معنا فذهبت لبيتي فحضر أبو مسامح وعمل معهم يوماً أو يومين ثم تركهم وبعد ذلك سأل عني الأمير بدر بن عبدالمحسن وقال أين الممثل الذي شاهدته قبلاً وهو يقصدني فقالوا له أنهم اعتذروا مني وقدموا الدور لأبي مسامح فحضر محمد العلي ومحمد الشمري إلى منزلي واعتذرا مني وقالا نريدك تعود معنا للمسرحية فعدت وقدمناها ونجحت وكان لها صدى جماهيرياً كبيراً. @ قدمت مسلسل فاعل خير حدثنا عنه والمرحلة التي مر بها التلفزيون؟ كتب إبراهيم الحمدان مسلسل "فاعل خير" لرمضان وقدمناه أنا وعلي إبراهيم وعلي المدفع ونوال بخش وكان هذا قبل منع ظهور المرأة في التلفزيون في أوائل 1977وهو مسلسل مكون من 30حلقة وجميع هذه الأعمال من إنتاج التلفزيون، كما قدمنا مسلسل "الناس والحياة" ومسلسل "سكرتير في البيت" قدمه سعد خضر وساهم في نجوميته سعد خضر ولاقى نجاحاً استمر فترة طويلة. @ انت احد الفنانين الذين حصلوا على تعليم عال حدثنا عن مرحلة الدراسة؟ سافرت عام 1977إلى الولاياتالمتحدة للدراسة وعدت في إجازة عام 1979ووجدت ثورة مسرحية وقدمت لي الجمعية نصاً مسرحياً فقلت لهم سأشارك معكم. أثناء قدومي من المطار وجدت حسن أبو حسنه وقام بإيصالي مباشرة إلى الجمعية وأخذت النص ثم ذهبت إلى منزلي وهي مسرحية "قطار الحظ" وقد نجحت وكانت مدتها ثلاث ساعات. ثم عدت إلى الولاياتالمتحدة ونفس الأمر تكرر مرة أخرى حيث عدت إلى السعودية في إجازة أخرى فوجدت أمامي حسن أبو حسنة في المطار لكي يوصلني إلى الجميعة وهناك استلمت نص مسرحية "تحت الكراسي" مع محمد العلي، وبعد عودتي النهائية من أمريكا وجدت الوضع الفني في السعودية قد تغير تماماً حيث توقف التلفزيون عن الإنتاج وأصبح الإنتاج عن طريق منتج وأصبح الوضع سيئاً وسيطر الإحباط على الجميع، وبعد التخرج أصبح هناك مسرحيات مهاجرة لا تعرض في الداخل بل في الخارج فقط. @ أنت ممن عايش أجيالاً درامية مختلفة.. برأيك ما بين الجيل الدرامي السابق والحالي؟ الأعمال التي كنا نقدمها في السابق كانت بسيطة وتمتاز بأنها محلية قلباً وقالباً اما حالياً فالأشكال سعودية ولكن الأماكن غير سعودية ولا تمثل البيئة المحلية حيث أن أغلب المسلسلات تصور خارج المملكة إما في القاهرة أو سوريا أو الأردن فكل ما يميز العمل المحلي اصبح غالباً حالياً عن الأعمال التي تقدم، فبرأيي يجب أن تصور الأعمال التلفزيونية في داخل المملكة مهما كانت الصعوبات، وإذا كنت ممثلاً ولا أستطيع دخول التلفزيون فهذه مشكلة أخرى ينبغي حلها أيضاً لأنها تساهم في عزل الفنان. @ هل لديك مشاريع قادمة؟ لا للأسف.. أنا مبتعد ابتعاداً كلياً عن الساحة للأسباب التي ذكرتها آنفاً. @ لكن ألا تخشى أن يتسبب ابتعادك الحالي في طمس نجومية علي الهويريني امام الجمهور الناشئ الذي ربما لا يعرف قيمتك الحقيقية ودورك في صناعة الدرامات السعودية؟ أعتقد أن التاريخ سيحفظ كل ما قدمناه ولن تمحى جهودنا بسهولة، ولا أخفيك فقد عرض علي القيام ببطولة عدة أعمال ولكن جزءاً من تصويرها سيكون خارج المملكة وأنا أرفض ذلك لأن هذا مبدأ من مبادئي التي لا يمكن أن أتنازل عنها. @ طاش صور العديد من مشاهده داخل السعودية.. فلماذا لم نرك مشاركاً فيه؟ لم أشارك في أي جزء من طاش وذلك لأن عبدالله وناصر لم يتصلا بي أبداً، مع أن علاقتي مع ناصر القصبي كانت وثيقة وأغلب أعماله القديمة كانت معي، ولم يسبق أن رفع أحدهما السماعة وطلب مشاركتي في طاش، وأنا من النوع الذي لا يمكن أن أتصل بأحد وأقول أريد أن أشارك معكم لأني مخرج متخرج من هوليود ومن يعرض نفسه رخيص.