يبدو أن "العولمة" ليست كلها شر!! فها هي الظاهرة التي تمثل هاجساً للكثيرين تثري حياتنا بثقافات جديدة حركت المياه الراكدة وأحدثت حراكاً غير مسبوق في قطاعات عديدة. في مقدمة تلك الثقافات التي تم إعادة اكتشافها ثقافة "المسؤولية الاجتماعية" وقد شهدت ما يمكن تسميته بالميلاد الجديد، إذ تلقفتها مؤسسات وشركات وهيئات متعددة، واحتضنتها إيماناً منها بأهمية ودور هذه الثقافة في تحقيق التنمية المنشودة والسلام الاجتماعي والتكافل بين الفئات كافة. وكان القطاع الخاص السعودي على قدر كبير من الوعي والمسؤولية، كما كان العهد معه دائماً، وبعد تاريخ طويل من المبادرات الفردية في مجال العمل الخيري والاجتماعي، بدأت تتبلور استراتيجيات طويلة المدى تعكس الحرص على الأداء المؤسسي الذي يسهم بشكل فعال في التنمية المستدامة، وهو الهدف الرئيسي من برامج "المسؤولية الاجتماعية". وعلى الطرف الآخر ظهر جهد لا يقل أهمية عن دور القطاع الخاص، بل قد يسبقه، باعتباره تخطيطياً توعوياً يرسم إطاراً عاماً ومنهجاً لبرامج المسؤولية الاجتماعية، وتجسد هذا الجهد في مبادرة مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية التي تبنت تشكيل فريق للمسؤولية الاجتماعية يعمل على ترسيخ ثقافة المسؤولية الاجتماعية في المجتمع، ودراسة الاحتياجات من المشروعات الخدمية، واستنهاض همم المؤسسات والشركات لدعم وتبني تلك المشروعات باعتبار ذلك مسؤولية دينية وإنسانية ووطنية إلى جانب مردوده الإيجابي على تلك الشركات. ومن المؤكد أن هذا الفريق سيحقق نقلة في تفعيل هذه الثقافة على أرض الواقع، خاصة فيما يتعلق بايجاد آليات محددة، ودراسة الاحتياجات والتعرف على البرامج الناجحة وتعميمها، وتوفير المساندة الاستشارية للمبادرات الجديدة في هذا الخصوص. ومن مؤشرات ذلك منهجية تشكيل الفريق، حيث يضم ممثلين لعدد من القطاعات والمؤسسات ذات الحضور الفاعل في مجال العمل الخيري والاجتماعي إلى جانب الغرف التجارية الصناعية بالمملكة وعدد من الشخصيات الرائدة في العمل التطوعي، الأمر الذي يجعل من الفريق بمثابة هيئة استشارية ومرجعية تقدم كل وسائل الدعم الممكنة لبرامج المسؤولية الاجتماعية. وما يثير التفاؤل أيضاً هو ما توليه الدولة من دعم لهذا التوجه، إذ كان الملتقى الذي حظي برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، الرئيس الأعلى لمؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية "ملتقى المسؤولية الاجتماعية" نقطة انطلاق قوية، تسابقت منها الجهات المعنية كل فيما يخصه، وتبقى فقط تكامل الجهود والتنسيق الدائم توفيراً للوقت والجهد، وتعميماً للفائدة. @ عضو مجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين