@@ أود أن أُسجل بكل التقدير ما نلمسه من وعي وانتماء وتفاعل من مؤسساتنا وشركاتنا من منسوبي القطاع الخاص، الذين استطاعوا أن يكونوا شركاء في عملية التنمية الاقتصادية وأيضاً التنمية الاجتماعية من خلال تحمل جزء كبير من المسؤولية الاجتماعية التي هي إحدى سمات المجتمع المسلم. بتلك الكلمات الضافيات بارك صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام جهود القطاع الخاص السعودي في مجال التنمية الاجتماعية معلناً الانطلاقة الحقيقية للمبادرة الوطنية للمسؤولية الاجتماعية الذي أُقيم عام 1427ه. لقد خاطب سمو ولي العهد يومذاك في مؤسسات القطاع الخاص ورجال الأعمال انتماءهم الديني والوطني حين قال حفظه الله - "إن ديننا الحنيف أقر معيار رقي الأُمم وجدارتها بالحياة في سمو النزعة الإنسانية في الأفراد سمواً يفيض بالخير والبر والرحمة على كل من يعيش على الأرض، وقد رغب الاسلام في تقديم يد العون لتتشرف نفس من يعين الآخرين إلى عون أعظم من ربه جزاء ما صنع". وأكد سموه على أهمية التكافل والتراحم وتجذر أُصوله في مملكة الإنسانية قائلا: "إن كلاً منا بمشيئة الله يعد قدوة ونموذجاً لما يمكن أن يكون عليه المسلم المدرك لمسؤولياته تجاه ربه ومجتمعه، ولا ينحصر الأمر في المال، بل الجهد والمال صنوان". وأعطى سمو ولي العهد إشارة البدء لعمل مؤسس وطني حين قال: "إن بعض شركات القطاع الخاص السعودية قدمت نماذج مشرفة في كافة مجالات العمل الإنساني والخيري، ولكن أصبح من الأهمية إدخال المسؤولية الاجتماعية إلى بيئة العمل، من خلال وضع برامج ومنظومه للمسؤولية الاجتماعية، تلك القضية التي تحظى باهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله -. وما كان ملتقى المسؤولية الاجتماعية يختتم فعالياته، حتى انطلقت جهود صادقة وجادة لتفعيل توصياته على أرض الواقع. ففي مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية تم تشكيل فريق للمسؤولية الاجتماعية يستهدف تفعيل مبادرات المسؤولية الاجتماعية في إطار مؤسسي يعنى بالتخطيط لمشروعات تنمية مستدامة، ويهيئ الرأي العام لمساندة تلك المبادرات وتعظيمها. وضم هذا الفريق ممثلين لعدد من القطاعات والمؤسسات ذات الحضور الفاعل في مجال العمل الخيري والاجتماعي إلى جانب ممثلين لعدد من الغرف التجارية الصناعية بالمملكة، وعدد من الشخصيات العامة الرائدة في مجال العمل التطوعي ليكون الفريق هيئة استشارية ومرجعية تقدم كل وسائل الدعم الممكنة لبرامج المسؤولية الاجتماعية. ويتولى هذا الفريق دراسة التجارب المتميزة التي تم تطبيقها من قبل مؤسسات القطاع الخاص في مجال المسؤولية الاجتماعية وتعميمها، وتوفير المساندة الاستشارية للمبادرات الجديدة، وإيجاد آليات لتفعيل وتطوير إسهام الشركات والمؤسسات، ودراسة احتياجات المجتمع من خطط التنمية المستدامة، وتنمية الوعي بثقافة المسؤولية الاجتماعية، وتدريب منتسبي إدارات المسؤولية الاجتماعية على التخطيط وآليات التنفيذ. ويواصل فريق المسؤولية الاجتماعية المنبثق عن مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية جهوده بالتنسيق مع الغرف التجارية الصناعية في عدد من مناطق المملكة لتنفيذ برامج توعوية وتثقيفية لمنتسبيها من أنشطة المسؤولية الاجتماعية واحتياجات المناطق من مشروعات التنمية. وفي الغرفة التجارية الصناعية بالرياض تم الشروع في تبني إنشاء مجلس للمسؤولية الاجتماعية، يتولى توفير المساندة لبرامج المؤسسات من منتسبي الغرفة وتحفيز التجارب المتميزة، والتوعية بدور تلك المؤسسات في التنمية الاجتماعية. وينبثق عن هذا المجلس لجنة تنفيذية تضع الخطط والاستراتيجيات لبرامج المسؤولية الاجتماعية، وتشجيع منتسبي الغرفة وتبادل تجارب المؤسسات في مجال المسؤولية الاجتماعية، واقتراح برامج ابتكارية لخدمة المجتمع، وتقديم خدمات استشارية للمؤسسات، هذا إلى جانب إعداد وتنفيذ برنامج تعريفي توعوي يتضمن تنظيم ملتقى سنوي للمسؤولية الاجتماعية، وندوات ومحاضرات تثقيفية، وإصدار كتيبات ومطويات في هذا المجال، وإقامة دورات تدريبية وورش عمل للعاملين في مجال المسؤولية الاجتماعية. هذا ويواصل فريق المسؤولية الاجتماعية الذي شكلته مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية جهوده لتفعيل البرنامج الرائد الذي تبنته المؤسسة بهدف بلورة رؤية وطنية شاملة لإقرار استراتيجة تسهم في ترسيخ ثقافة (المسؤولية الاجتماعية) وتطوير إسهام القطاع الخاص في حقل العمل الخيري والاجتماعي والإنساني محليا. ويعمل الفريق الآن على تقويم البرامج التي يتم تنفيذها من قبل عدد من المؤسسات والشركات الوطنية لتعميم التجارب المتميزة، ومؤازرة البرامج الجادة، وإعادة توجيه المحاولات المتعثرة. وأوضح الدكتور ماجد القصبي مدير عام مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية أن المؤسسة كانت صاحبة السبق في إطلاق الاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية على المستوى الوطني، انطلاقاً من رؤيتها بأن تكون مؤسسة خيرية رائدة تقدم خدمات إنسانية متميزة للمجتمع، مشيراً إلى أن البرنامج يهدف إلى تعريف القطاع الخاص بأدواره ومسؤولياته تجاه العمل الخيري والاجتماعي، وتعزيز التوجه الوطني في هذا الصدد من خلال إلقاء الضوء على الأنشطة والبرامج التي تلبي احتياجات المجتمع، وكيفية مساندتها عبر مساهمات تنموية طويلة المدى. ويستطرد مدير عام مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية قائلا: "أما الرؤية الثالثة والتي أخذت في التبلور بصورة حيوية في السنوات الأخيرة فهي بناء ثقافة المسؤولية الاجتماعية" لتكون قاعدة تنطلق منها كل جهود العمل الخيري والإنساني والاجتماعي. والفارق كبير بين ثقافة "البدايات" التي تعتمد المبادرات الخيرية الفردية، وثقافة "الحاضر" التي تتطلع إلى برامج تنموية تحقق ما يعرف بالتنمية المستدامة وتعزيز دور القطاع الخاص في مجال خدمة المجتمع بحيث يكون هذا القطاع مسانداً لجهود التنمية المتكاملة. وهذا ما دفع مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية لتبني تشكيل فريق "المسؤولية الاجتماعية" وذلك في إطار رسالتها لمؤسسة خيرية رائدة تستهدف تنمية المجتمع. فهذا الفريق سيتولى إيجاد آليات لتفعيل وتطوير إسهام القطاع الخاص في خدمة العمل الخيري والاجتماعي، والمساهمة في ترسيخ ثقافة المسؤولية الاجتماعية، ودراسة البرامج والتجارب المحلية والعالمية وتعميم الناجح منها وتوفير المساندة للجديد، وأيضاً دراسة المجالات التي يمكن تفعيل برامج المسؤولية الاجتماعية فيها بحيث يمكن توجيه مساهمات القطاع الخاص لتسهل المجالات حسب أولوياتها. وقد سعينا في تشكيل هذا الفريق إلى أن يضم ممثلين لعدد من القطاعات والمؤسسات ذات الحضور الفاعل في مجال العمل الخيري والاجتماعي والتطوعي بحيث يكون الفريق بمثابة هيئة استشارية ومرجعية تقدم كل وسائل الدعم الممكنة لبرامج المسؤولية الاجتماعية. وقد قطع الفريق شوطاً ملموساً في إقرار وثيقة بناء قاعدة مشتركة ووطنية لدعم وتفعيل المسؤولية الاجتماعية في خدمة التنمية المستدامة في المملكة.