@@ كيف يكون لرواية تتحدث عن الماضي.. علاقة بالحاضر المعاش..!! هذا ما أردت أن أفهمه حينها.. لأن مسودات روايات سماها: "جبل الحبالى" و"المسكون" تستمد أحداثها من شخوصه.. بما يناسب خصوصية حيواتهم بكل ما فيها من مفارقات عجيبة. هل أراد إسقاطها على الحاضر..؟! يقول: لا..!! هل ما زال الحاضر امتداداً لذلك الماضي..؟! يؤكد: لا..!! أين تكمن المشكلة إذن..؟! يتداعى بأسف: لقد سرقوا رواياتي.. هل تصدق هذا.. أحدهم.. ولا بد أن يكون صديقاً أو ما إلى ذلك.. سلها من جهاز الكمبيوتر.. وقطعه.. والمشكلة أنه قطع مجرد "مسودات" لا قيمة حقيقية لها.. لكنه أعطاها قيمة متوهماً أنه أمسك بماضي حياتي وقطعة. وعندما تسأل: كيف قطع رواياتي مخزنة في الجهاز. يمضي كأنه يحلم: قطعها يا "ثور" يعني أخذ مقاطع منها وقام بنشرها بأسماء ربما وهمية بهدف حرقها.. أو باسماء حقيقية.. حتى إذا ما نشرتها أتهم بسرقتها.. لكن الهدف الحقيقي لما قام به هو دفعي لعدم إعادة كتابتها ولضمان عدم نشرها. وعندما تنهره قائلاً: يا عبقري لا تتوهم أنك كاتب كبير.. فما دامت الأحداث من الماضي فكل ماضيها متشابه.. بل ومتشابك.. ولا بد أنك قد تشابكت في الأحداث التي قرأتها بأسماء أخرى.. مع تلك التي كنت قد كتبتها. وما دمت واهماً إلى هذا الحد فأنت لست كاتباً.. وليس لديك - أنته وجهك - سوى الفلس. يسرح بعيداً ويقول: تصدق أنني اكتشفت مدى فلس سارقها أو سالها من الكمبيوتر عندما وصلت إلى الاعتقاد أنه ظن أنني كتبت روايات حياتي.. وأنه بعد أن استولى عليها يكون قد استولى على حياتي.. التي - كما يظن - لم يعد فيها شيء يمكن كتابته.. وهذا ما يزعجني.. لأنني لم أكتب حياتي.. صحيح أنني انطلقت من الصورة الحقيقية لمجمل عوالم ذلك الماضي لكنني اسكنت تفاصيل ما كتبت بكل الخزعبلات المناسبة التي أرادتها مخيلتي لحظة الكتابة. أما عندما تقول ضاحكاً: يعني "مقلبته" وضيعته في سرادين خيالك "المعفن" وسوف يجاريك ويقول: كنت ألعب.. بمعنى أنني حشدت الورق.. أو جهاز الكمبيوتر - إذا شئت - بكل السفاسف الممكنة.. على أمل أن أعود لها.. حين أعود لها، وأكتب ما يناسب عوالم وأجواء وتفاصيل الحدث الرئيسي الذي انطلقت منه.. أما كل الزبالة الباقية فتذهب للزبالة مع ضمان أنني كنت قد دونت - حينها - كل شيء ولم أنس أي قد يفسد متعتي بكتابتها.. لكن اخينا أخذ كل شيء.. ولا بد أنه قد أطلع آخرين عليه ليؤكد لهم مدى تفاهتي إن لم يقل سوء نواياي.. ناسياً أنني كتبت ونشرت ما يؤكد عكس ما ذهب إليه.. والغريب أن كل ما كتبته لا يشبه في قليل أو كثير تلك الخزعبلات الروائية التي جعلته يصبح سجينا داخل عالمها وعوالمها. وعندما تقول: طيب.. وبعدين!! سوف يجيب ذاهلاً: ولا قبلين.. تركته مربوطا بإحكام بحبال نسجتها مخيلتي.. وسوف أبحث عن موضوع روائي يناسب المرحلة لأكتبه.. ما زال الماضي هو الحقبة المناسبة التي يمكن بإضاءتها أن نستجلي جماليات الحاضر ونضيء سلبياته. قد تقول صارخاً: يا حمقري.. تقول ربطت صاحبك بحبال سودات الماضي.. هو ترك لك من الماضي شيئا يستحق الكتابة. سوف يقول بأسف: سحارة أمي مليانة حكايات.. حياتنا لم تكن خاوية.. مجتمع وناس ومعاناة وعذابات وحكايات.. بس خسارة لعدة سنوات قادمة لن نكون في الزمن المناسب لكتابة روايات..!! ودون أن تسأل: لماذا؟!/ سوف يجيب قائلاً كل الناس تتحدث في وقت واحد.. والفن والإبداع يحرضان على الإنصات والإصغاء.