يفرحني الإنجاز، للوطن و أبناء وبنات الوطن، دوماً، لكننا وأمام سماع أخبار إجراء أول عملية من نوعها وأكبر عملية جراحية من نوعها نحتاج إلى طرح بعض الأسئلة الأساسية حول تلك العمليات وتحديداً الأسئلة المتعلقة بأخلاقيات المهنة الطبية والتأكد من أننا لا نغامر بسلامة المرضى عبر تجريب طرق وعمليات علاجية جديدة عليهم، دون مسوغات علمية وأخلاقية كافية. ماذا يعني الأولى من نوعها عالمياً؟ هل يعني ذلك افتقاد المرجعية العلمية العالمية لهذه العمليات؟ لماذا لم تجر مثل تلك العمليات في الدول المتقدمة؟ الأعراف الطبية في موضوع العمليات الجراحية ترى أن على الأطباء/ الجراحين واجب احترام حقوق المريض عن طريق الإخلاص في طرح النصيحة والمشورة الطبية، وإعطاء معلومات دقيقة حول مبررات اتخاذ قرار العملية،وقبلها تشخيص الحالة الصحية وتطوراتها وسبل العلاج الممكنة، حتى ولو لم تكن سبل العلاج تقع ضمن اختصاص الطبيب أو ضمن إمكانات مؤسسته الطبية. يجب أن يدرك الطبيب حدود خبراته وإمكاناته التدريبية والعملية والفريق العامل معه.. الخلاصة هي وجوب احترام اختيارات المريض حتى ولو لم تتفق مع وجهة نظر الجراح. المريض هو المسؤول الأول والأخير عن صحته أو صحة من هو مسؤول عنه (إن لم يكن قادراً على اتخاذ القرار، كالأطفال). يجب احترام حقوق المرضى الأخرى بما في ذلك حجب معلوماته الشخصية والطبية وعدم نشرها إعلامياً دون قناعة منه. لا يكفي أن يوقع المريض على ورقة موافقة لنقوم بإجراء عملية حديثة من نوعها ومجربة للمرة الأولى، بل يجب أن تقدم الأدلة العلمية الكافية لضمان سلامة المريض وبحث الإيجابيات والسلبيات على حياة وسلامة المريض وغير ذلك من الإجراءات التي يجب أن تمر عبر لجان/ إدارات متخصصة في أخلاقيات البحث والعمل الطبي، أما لدينا فغالبية المستشفيات لا تملك مثل تلك اللجان ولدينا مخاوف من تجاوز البعض للأعراف المهنية الأخلاقية بغرض البحث/ التجريب/ التعلم / المغامرة على حساب المريض، لذلك أراه ضرورة تشكيل مثل تلك اللجان بالمستشفيات الكبرى وبمديريات الصحة بحيث تراجع وتقر تلك اللجان مسبقاً إجراء العمليات المتقدمة والحديثة من نوعها، بالذات في تلك العمليات المجدولة وليس عمليات الطوارئ الحرجة. إن عدم إجراء مثل هذه العمليات في بعض الدول ليس مرده عدم وجود الإمكانات لكنه صرامة الضوابط التي لا تغامر بحياة المريض وسلامته على حساب رغبة الطبيب في التجريب والمحاولة. أخيراً يجب أن ندرك أنه أمام العمليات الناجحة والمعلنة هناك عمليات أضرت بالمريض وربما أودت بحياته، لا يتم إعلانها وتجرى دون مرجعية علمية وأخلاقية وتنظيمية واضحة، وهي التي نود الحد منها.