طبول الحروب تقرع في أكثر من موقع، هناك مؤشرات لضربة إسرائيلية - أمريكية علىٍ إيران، وعواقبها مدمرة، وأخرى قد تنشأ من حالات التماس بين اللبنانيين، وخاصة بوجود فراغ رئاسي، وتنازع داخلي تمليه وتقوده عوامل ونزاعات عربية وإقليمية، والأمن في العراق لم يعد فرض الأغلبية على الأقلية، حين يتحارب الشيعة مع بعضهم ويتنازع السنة لتبرز الانقسامات بينهم في موالاة أكثر من طرف، أو محاربته.. إسرائيل وسورية على خط نار ساخن، فالحشود على حدود البلدين قائمة وهناك حسابات من يخطئ بها قد يدفع بالبلدين إلى سعير الحرب، والأخطر من ذلك أن ولاية الرئيس الأمريكي بوش التي لم يبق عليها إلا شهور يحاول أن ينهي مشواره بمعادلتين متناقضتين، الأولى قيام سلام بين فلسطينيي فتح وإسرائيل، والأخرى الإعداد لمغامرة عسكرية ربما تتم بضرب حزب الله من قبل أمريكا وإسرائيل معاً، وحصار سورية، أو جرها لحرب غير متكافئة، لأن وجود مليشيا بحجم حزب الله بجوار إسرائيل لا يمكن قبوله وفقاً للرؤية الإسرائيلية، ولو حدثت هذه الحرب فقد لا يكون الموقف الإيراني محايداً، أو على الأقل داعماً من بعيد، وأي خطأ في لعبة الشطرنج هذه يعني أن أموراً قد تحدث وتخرج من حرب الأسلحة التقليدية، إلى التكتيكية أو ما يسمى بأسلحة الدمار المحدود، وخاصة على المفاعلات النووية الإيرانية.. في هذا السيناريو المخيف سبق أن بادرت روسيا ونقلت عن استخباراتها وتحرياتها لإيران بوجود نية أمريكية لشن ضربات عليها، واجتماع حلف الأطلسي، وإن ظهر بصورته التقليدية بقبول ورفض أعضاء جدد، ودعم القوات الدولية بأفغانستان هو إطار لما تخفيه المباحثات السرية على مجمل الأمن العالمي، وخاصة منطقتنا التي صارت ملتقى الأزمات والحروب.. صحيح أن أوروبا لا تنقاد لمغامرات تؤثر على مصالحها، لكن عودة فرنسا للحلف وتطابق سياساتها مع أمريكا، والشك بدخول روسيا أو الصين أي معارك قادمة، ليس لضعفهما، لكن لرفضهما مبدأ التصعيد الذي يضر بهما، هنا قد تكون أمريكا هي من يقود الحروب القادمة، وربما بما بقي من ولاية بوش، والذي لا يخفي دوافع منظومته الحكومية، ومستشاريه من المحافظين الجدد أن يتلاعبوا في الأوراق لرسم خرائط جديدة للمنطقة، وحتى السعي لتكبير الحلف بما في ذلك محاصرة روسيا.. فمثلث إيران، سورية، حزب الله، يوجد من يرفضه لا بسبب عقائدي وأيديولوجي، ولكن من خلال جملة مصالح أمنية واستراتيجية تنظر لها أمريكا من زواياها الخاصة، وإن ظل أمن إسرائيل على رأسها، وهنا جاءت المؤشرات لتطرح ما يشبه الإنذارات لكن الخسائر في كل ما يجري بدول المنطقة بدون استثناء هي الشكل لصراع دولي عمقه وسطحه الأرض العربية، وربما إيران كطرف جديد في الأزمات..