يعد البريطاني جورج أورويل من كبار الأدباء في القرن العشرين، بفضل عملين كتبهما في آخر حياته، هما (مزرعة الحيوان) ورواية (ألف وتسعمائة وأربعة وثمانون -1984). الأولى ساخرة والثانية قاتمة، يشتركان بالنكهة السياسية الناقدة للنظم الشمولية.. اسمه الحقيقي (إيريك آرثر بلاير) توفي في بداية الخمسينيات وهو في السابعة والأربعين، كارهاً كل أنواع الطبقية والسلطوية وقمع الإنسان للإنسان، واصفاً نفسه بأنه "الضمير الأخلاقي للإنجليز". في جزيرة قرب السواحل الأسكتلندية ألف روايته "1984" لتنشر عام 1949.تدور الرواية في المستقبل وتحديداً في العام 1984، عن حكم شمولي يقمع الناس ويستبدهم، في عالمٍ تخيلي عابق بالقتامة حد التخمة، قتامة سوداء تخنق القاريء بالتشاؤم، من خلال العالم الذي رسمه أورويل بلغة أخاذة. الحزب الحاكم في الرواية يتزعمه "الأخ الأكبر" وبطل الرواية وينستون سميث يعمل في وزارة الحقيقة التي تعيد كتابة التاريخ ليتطابق مع مصلحة الحزب الحاكم من خلال شطب وحذف بعض الوقائع والشخصيات وتزوير التاريخ لصالح الإمبراطورية. رواية "1984" أثرت على السينما، وألهمت كل مخرج أراد تصوير النظم القمعية الحاكمة، أن يرسم قصته وفق الشكل الذي صوره "أورويل"، ومن آخر الاقتباسات السينمائية لروح رواية "1984" كانت في فيلم v for vendetta وكذلك في فيلم "برازيل Brazil" لتيري جيليام الذي أراد أن يعنون فيلمه ب1984/1/2، إلا أن الذي منعه هو إطلاق الفيلم البريطاني "1984" في نفس السنة تقريباً، وهو أشهر الأعمال المقتبسة من الرواية بشكل مباشر، للمخرج "مايكل رادفورد". نجح الفيلم عند عرضه نجاحاً جماهيرياً ونقدياً، لإخلاصه في الحفاظ على روح العمل من جهة، ولحيوية السيناريو المقتبس مباشرة من النص الأصلي. وقد تم تصوير العمل وإطلاقه في نفس العام الذي كانت أحداث الرواية تجري فيه، أي في عام 1984إلا أننا وعند المقارنة ما بين الفيلم والرواية، نجد أن الفيلم لم يحافظ تماماً على رتم الرواية وأجوائها المشحونة بالإثارة، مثل مشهد التعذيب والسجن ذي التنفيذ السيىء. إلا أن الأخفاق الكبير في الفيلم السينمائي كان في تصميم الديكور الفقير بصرياً والضخم إنتاجياً، فشوارع لندن القاتمة، التي يتخيلها قارئ الرواية، لم تظهر في الفيلم بشكل جيد، إضافة إلى الأداء المتواضع من الممثلين، لكن ما يشفع للفيلم هي الموسيقى الفخمة التي رفعت من قيمته، خاصة في مشاهد الحلم ذات الأبعاد الشاعرية، روائياً وسينمائياً.