عندما يقرأ القارئ أو يسمع عن حقوق الإنسان فربما تبادر إلى ذهنه أو تصوره للوهلة الأولى أن هذه الكلمة قد وفدت إلى العالم الإسلامي من البلاد الغربية وأنها لم تكن موجودة إلا في العصور المتأخرة التي تم فيها سن كثير من القوانين التي تطالب بحقوق الإنسان. بينما الناظر المتمعن في شريعتنا الإسلامية يرى بوضوح أن حقوق الإنسان موجودة في ديننا الإسلامي منذ أن بعث الله تعالى محمداً صلى الله عليه وسلم أي قبل ما يقارب ألف وأربعمائة وثمانية وعشرين سنة هجرية تقريباً. وليس أدل على ذلك من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة فنجد أن القرآن الكريم قد نص على بعض الحقوق الواجبة كما في قوله تعالى: (وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيراً) "سورة الإسراء 26" ويقرر هذه الحقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبارة واضحة فيقول: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والأمير راع والرجل راع على أهل بيته والمرأة راعية على بيت زوجها وولده فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" والحديث متفق على صحته. وهذه الحقوق تشمل جميع الحقوق الواجب أداؤها سواء كانت بدنية أو مالية أو نفسية ولهذا جاءت هذه الحقوق على صفة تحميل المسؤولية لكل أحد سواء كان رجلاً أو امرأة صاحب منصب أو لم يكن كذلك، فالجميع مسؤول عن أداء هذه الحقوق وهذه المسؤولية ليست في هذه الحياة فقط بل إنها تتعدى ذلك لتشمل المساءلة عن هذه الحقوق في الحياة الآخرة ولذلك نجد أن علماء الإسلام وضعوا قاعدة في حقوق الإنسان فقالوا: "حقوق الآدميين لا تسقط إلا بالصلح أو بالتنازل" وهذا بلا شك يجعل المسلم يؤدي حقوق الآخرين ولا يسلبهم تلك الحقوق ولا يتعدى عليهم أو يؤذيهم بأي نوع من أنواع الأذى سواء كان المعتدى عليه مسلماً أو غير مسلم، فقد حفظ الإسلام له حقوقه بما له من عهد وميثاق والسبب في عدم فعل ذلك هو خوف المسلم من العقوبة في الآخرة أولاً ثم اتقاءً للعقاب في الحياة الدنيا. @ عضو الجمعية الفقهية السعودية