بعد ما يقرب من ستين عاماً على إقامة الدولة يبدو أن إسرائيل ما زالت في سنواتها الأولى فيما يتعلق بحقوق الإنسان، فقد كشف تقرير صادر عن جمعية حقوق المواطن أن الفجوة بين الأغنياء والفقراء آخذة في الاتساع. ففي مجال الصحة أدى نقص الميزانية وعملية الخصخصة الى إيجاد مؤسستين صحيتين في إسرائيل واحدة للأغنياء والأخرى للفقراء. وذكر التقرير انه بالإمكان رؤية التفاوت في الخدمات الصحية بين مناطق وسط البلاد والمناطق النائية فمثلاً تبين أن أدنى متوسط للعمر في إسرائيل تم تسجيله في قضاء بئر السبع حيث بلغ معدل وفيات المواليد في الجنوب 7.6لكل ألف طفل مولود في مقابل 3.3في وسط البلاد و 3.1في تل أبيب. هذه البيانات لم تأت صدفة فالمناطق النائية يسكنها مواطنون فقراء للغاية لا يستطيعون دفع مقابل الخدمات الصحية الخاصة كما أن حالة المؤسسة الصحية العامة وهي الوحيدة التي يمكن للفقراء والكثير من أبناء الطبقة المتوسطة تحمل نفقاتها آخذة في التدهور، فمثلاً يوجد في تل أبيب 4.7طبيب لكل ألف شخص مقابل 2.2فقط في الشمال. كما أن عدد أجهزة الغسيل الكلوي والأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي قليل جداً في المناطق النائية مقارنة بالكثافة السكانية هناك. النقص طال أيضاً عدد الأسرة المتوفرة للمرضى ففي العام 1970كان عدد الأسرة 3.27سرير لكل ألف شخص وفي العام 2007انخفض العدد الى 1.94لكل ألف شخص، وفي جنوب البلاد ينخفض العدد ليصل الى 1.5سرير لكل ألف شخص. وبسبب عدم وجود الميزانية لم يزد عدد الأسرة خلال الأعوام الماضية بما يتلاءم مع الزيادة السكانية وارتفاع معدل الأعمار ويبلغ النقص في عدد الاسرة في وحدات العناية المركزة 500سرير ونتيجة لذلك يتم علاج المرضى الذين يتنفسون صناعياً في الأقسام الداخلية مما يعرض حياتهم للخطر كما تؤكد الجمعية أن هذا يشكل مساساً خطيراً بحقوق المريض وكرامته. وفي مجال العمل تكشف بيانات تقرير جمعية حقوق المواطن عن مؤشرات خطيرة تفيد بأن التشغيل بشكل غير مباشر أدى الى خلق مستوى رواتب منخفض للغاية. فقد أفادت البيانات أن رواتب العمال الذين قامت شركات التوظيف بتشغيلهم يصل الى 60% من متوسط الراتب في قطاعات الاقتصاد وأن 5% فقط من العمال الذين قامت شركات التوظيف بتشغيلهم يحصلون على 25شيكل في الساعة أو أكثر. ويؤكد معدو التقرير أن حقوق العمال الذين قامت شركات التوظيف وشركات العمالة بتشغيلهم يتم انتهاكها على نطاق واسع وبشكل روتيني، ومن الظواهر الشائعة دفع رواتب تقل عن الحد الأدنى للأجور وعدم دفع أجر نظير ساعات العمل الإضافية وعد سداد الحقوق الاجتماعية والإقالة دون تعويض وفرض غرامات على العمال بما يتعارض مع القانون. ولكن الباحثين عن العمل والعاملين لا يتعرضون اليوم للاستغلال فقط وإنما أيضاً للانتهاك الشديد لخصوصيتهم وهو الأمر الآخذ في الازدياد في السنوات الأخيرة فالكثير من العمال مطالبون بالتوقيع على تعهد بالتنازل التام عن التأمين الصحي عند الالتحاق بالعمل ويتم إجبار العمال على الخضوع لاختبارات كشف الكذب كما يتم استخدام كاميرات مراقبة في أماكن العمل. ويطلب أصحاب العمل من المرشحين للعمل تقديم صحيفة السجل الجنائي رغم أن هذا الطلب مخالف للقانون، ويضطرون للموافقة على كل هذه الانتهاكات لخصوصيتهم.